بسم الله الرحمن الرحيم
موقف سياسي أسبوعي: خطبة الجمعة:
بتاريخ 7 ربيع الآخر 1443هـ الموافق له 12 تشرين الثاني 2021م
وفق اي قانون؟
ان اي خلاف بين شخصين او بين جهتين لا بد له من حكم، هكذا في الخصومة مع اهل الكتاب عامة، حدد الله كلمة سواء لتكون مرجعية الخلاف، وفي الخلاف مع اليهود دعاهم الى التحاكم الى التوارة، فاختاروا الطاغوت، ومع المشركين قال لهم { قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ قُلِ اللهُ وَإِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلَى هُدًى أَوْ فِي ضَلَالٍ مُبِينٍ (24)} (سورة سبأ)، وهي دعوة الى الحوارالواضح ومن دون شروط.
من يحكم بيننا وبين ابن سلمان، والى أية شريعة او قانون او مرجعية سنحتكم واياه؟…
وفق اي قانون يحاسبنا او نحاسبه؟ استنادا الى اي شريعة او ناموس او عرف او مرجعية، سننتصر عليه باذن الله سواء استند الى الشريعة الاسلامية، او الى القانون الدولي، والاعراف المتبعة، او استند الى النخوة العربية والشهامة البدوية وما الى ذلك… ينتصر علينا في حالة واحدة: باستناده الى شريعة الغاب وحكم القوي على الضعيف، وحكم المستكبر على المستضعف،وهذا لن يدوم.
1-الشريعة الاسلامية: تؤكد لنا النصوص القاطعة ان المجاهدين اقرب الى الله من سدّان الكعبة وخدامها، هذا إن كانوا يخدمونها فعلا، فلقد تفاخر مثلا بعض الصحابة بالعمل الصالح: فقال (العباس) عم النبي صلى الله عليه وسلم: انه صاحب السقاية يسقي الحجاج فأي عمل افضل من ذلك ، وتفاخر (طلحة بن شيبة) فقال انه يحمل مفتاح الكعبة المشرفة ويستطيع ان يدخل اليها عندما يرغب، فقال (علي) عليه رضوان الله بل الجهاد افضل، وبعدما نُقل الحوار الى رسول الله صلى الله عليه وسلم انزل تعالى {أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ الْحَاجِّ وَعِمَارَةَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ اللهِ لَا يَسْتَوُونَ عِنْدَ اللهِ وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (19) الَّذِينَ آمَنُوا وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِنْدَ اللهِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْفَائِزُونَ (20) } (سورة التوبة).
المجاهدون الذين سطروا الملاحم في مواجهة العدو الصهيوني اقرب الى الله واحب اليه من الآخرين ، خاصة وان الآخرين ليسوا فقط من القاعدين عن الجهاد، بل ايضا من الذين يثبطون المجاهدين ويحاصرونهم ويعتقلونهم ويتعاونون مع الصهاينة ضدهم…الخ.
الا ان اعتبر بن سلمان ان العدوان على اليمن جهادٌ، او تقطيع الجثث وتذويبها جهاد، او دعم التكفيريين جهاد … الخ.
ولا يستطيع ان يمن علينا بأنه يطعمنا ويسقينا: فانه لم تسجل اعطية مادية اكبر من مليار واحد وضعت وديعة في المصارف اللبنانية، ثم طُلب سدادها في اليوم الخامس والعشرين من عدوان تموز 2006… مليار واحد، فيما انفق بن سلمان حسب مركز دراسات السلام العالمي في ستوكهولم (تريليون دولار) او اكثر على حرب اليمن، وكم انفق على داعش والنصرة وامثالهما؟ كم انفق على تدمير سوريا والعراق وغيرهما؟ مليارات، ان مثله كمثل الوليد بن المغيرة الذي قال تعالى عنه {أَفَرَأَيْتَ الَّذِي تَوَلَّى (33) وَأَعْطَى قَلِيلًا وَأَكْدَى (34)} (سورة النجم) اي توقف ، لقد اعطى القليل القليل ثم توقف كما ينطبق على قوله تعالى : { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلَا يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ صَفْوَانٍ عَلَيْهِ تُرَابٌ فَأَصَابَهُ وَابِلٌ فَتَرَكَهُ صَلْدًا لَا يَقْدِرُونَ عَلَى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا وَاللهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ (264) } (سورة البقرة 264)، وكم تحملنا من اذى مقابل هذا القليل.
ولا يحق له ولا لغيره ان يتفاخر علينا بماله ، فلقد قال تعالى: { وَمَا أَمْوَالُكُمْ وَلَا أَوْلَادُكُمْ بِالَّتِي تُقَرِّبُكُمْ عِنْدَنَا زُلْفَى إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ (37) } (سورة سبأ 37)، الا ان كان ينفق هذا المال في طاعة الله وليس خدمة للمستكبر وارضاءً للنزوات والشهوات واتباعا للترف المدان.
2-اما في وفق “مبادئ” العروبة، فلقد علمنا ان العربي اخ للعربي يتعاونون في وجه الظالم ويعين بعضهم بعضا ويسعون الى الوحدة ورفع الظلم من المظلومين… اما ان اعتمد على العروبة الجاهلية فما يفعله صحيح ، فشريعة الجاهلية هي السطو والغزو والعدوان بغير حق. اما ما جاء به الامين المساعد لجامعة الدول العربية فهو ليس الا استسلاما للاملاءات السعودية ولا ينتمي الى العروبة بشيء.
3-اما وفق القانون الدولي: فمن يؤيده في حربه الظالمة على اليمن وقبلها على سوريا وحصار لبنان؟.
نتحدث عن القانون الدولي المجرد، كما هو في النصوص وليس كما تتم ممارسته وفق النفوذ الاميركي – الصهويني المتمادي على المجتمع الدولي الذي يصمت عن العدوان المتمادي على اليمن ، بل يؤيده ويبرره.
4– في المشروع السياسي: نقول له تتحدث وامثالك عن مشروع ايراني توسعي ، سنسلم بذلك على سبيل الافتراض، ونقول لك: ما هو مشروعك؟ هل تدعونا الى مشروع واضح ام الى مشروع يشبه مدينة (نيوم) رمز الفساد المستقبلي ام الى ما يشبه الاستسلام لغزوة ترامب وإيفانكا، اين مشروعك؟ نقول بالفم الملآن ان اي مشروع سياسي لا تكون فلسطين الرقم الاول فيه، وتكون وحدة الامة هدفا رئيسيا من اهدافه، ومواجهة الاستكبار الاميركي من اساسياته، والانماء والصناعة في مضمونه الرئيسي… فلن يكون مشروعا اسلامياً ولا عربياً، إن المشروع الذي تحاربه يتضمن كل ذلك فيما لا يتضمن مشروعك الا الاستسلام للطغيان الاميركي ومن خلفه الصهيوني.
5-اما في شريعة الغاب فستؤيدك الاسود الضواري والنمور المتوحشة والحيوانات الكاسرة، بل ان في بعض افعال هؤلاء ما هو افضل مما تفعل، فما عهدنا الوحوش تقتل الاطفال والنساء وتدمر المرافق الحيوية، وتدعي بعد ذلك انها تدافع عن نفسها.
نقول هذا ونحن نتذكر قول رسول الله صلى الله عليه وسلم : (اذا رأيت امتي تهاب ان تقول للظالم يا ظالم فقد تُودع منهم)، ولا يزال هنالك خيرٌ في هذه الامة حتى يتم الله نصره وتأييده.
رابط فيديو: خطبة الجمعة: 12-11-2021: https://youtu.be/aAS_Uiz9K54