النصر المكتوم

بسم الله الرحمن الرحيم

موقف سياسي أسبوعي: خطبة الجمعة:

بتاريخ 9 جمادى الآخرة 1445هـ الموافق له 22 كانون الاول 2023م

النصر المكتوم

‏‏‏‏‏‏‏‏نصر مؤزر مكتوم، هذا النصر الذي وصلت اخباره امس، انسحاب لواء غولاني، لواء النخبة، نصر مكتوم بسبب حجم الشهداء والدمار غير المسبوق، وبسبب استمرار القصف والتدمير، وبسبب عدم اعتراف العدو بالهزيمة، ولكن الواقع يؤكد ان النصر حصل تحت ضربات القسام والمقاومين جميعاً، وعلى وقع الصمود الاسطوري للشعب الفلسطيني في كافة المناطق، اضافة الى الانتصارات التفصيلية التي حصل خلال الست والسبعين يوما التي مضت.

‏يجب أن يتغير شيء، بل أشياء، في الخريطة السياسية في العالم العربي، انتصار حماس والسرايا وسائر المقاومين المرتقب، سيكون مدوياً وسيحطم أوهام التطبيع والاستسلام والتزلف للسياسة الأمريكية والغربية، قد يستغرق ذلك وقتا، ولكن لابد من أن يحصل، لقد فشل اتفاق اوسلو، فشلا ذريعا، وكنا نعلم ذلك منذ اليوم الأول لكنهم عاندوا، اليوم يقولون، انتهى اوسلو، ونتنياهو يتشدق كل يوم بأنه لن يسمح بأوسلو ولا بحل الدولتين، هذا الفشل يقابله الصلف الاسرائيلي، يجب ان ينتج عنه تغيير سياسي شامل، اما ان نقول انه فشل ثم نزعم في كل لحظة اننا نمثل الشعب الفلسطيني، الشعب الفلسطيني قال كلمته واضحة، في غزة كما في الضفة، الشعب الفلسطيني كله، الا القليل الذي لا يقاس عليه، مع المقاومة، واهل المقاومة ورؤية المقاومة … الخ.

من دون المال الذي يأتي من الدول المانحة وبالتنسيق مع الاسرائيلي، ماذا يبقى من السلطة؟ ومن تمثل؟ ومع ذلك في كل يوم يوجه نتنياهو اهانات للسلطة واهلها ويطالبهم بالتدخل لمصلحة العدوان الصهيوني، ونحن نقول، انتم عاجزون، مكبلون بالاتفاقات المذلة، على الاقل تحدثوا عن الجرائم، عن تدمير البيوت الآمنة على رؤوس اهلها، تحدثوا عن الجوع والعطش، عن اغلاق معبر رفح، (الذي ليس فيه جندي اسرائيلي واحد، هو فقط بين المصري والفلسطيني، ومع ذلك تتحكم فيه اسرائيل وتؤمن فتحه او اغلاقه وتفرض عدد الشاحنات ومحتواها والكميات وكل شيء)، تحدثوا في الامور الانسانية حيث لا مسؤولية سياسية عليكم ازاء اسيادكم، ما هذا الضعف؟ ما هذا الاستسلام؟ ما هذا الخنوع؟ ومع ذلك تتحدثون عن تمثيل الشعب الفلسطيني، يجب ان تفرض المقاومة بانتصارها، باذن الله، وبجمهورها الواسع تغيير المعادلة كلها، وسنرى ذلك قريبا باذن الله.

ولا شك في داخل السلطة واجهزتها وطنيون ومخلصون، مضطرون بسبب ظروف ما للعمل مع هذه السلطة، معذورون عند ربهم، والله اعلم ، ولكن الاكثرية ليست معذورة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كما لا بد ان نؤكد (مرة اخرى) من خلال الآيات الكريمة، ان يهود اليوم، هم اليهود انفسهم الذين جادلوا موسى عليه السلام بالباطل وعصوا اوامره، وكانت قصة البقرة في القرآن الكريم المثل الابرز، وفي نهاية القصة يقول تعالى (أَفَتَطْمَعُونَ أَن يُؤْمِنُوا لَكُمْ وَقَدْ كَانَ فَرِيقٌ مِّنْهُمْ يَسْمَعُونَ كَلَامَ اللَّهِ ثُمَّ يُحَرِّفُونَهُ مِن بَعْدِ مَا عَقَلُوهُ وَهُمْ يَعْلَمُونَ) (البقرة – 75)، يعني الذين جادلوا موسى هم انفسهم الذين كفروا بمحمد رغم معرفتهم اليقينية بأنه النبي الذي كانوا ينتظرون، وهم انفسهم الذين جادلوا اليوم في لفظ… (اراض محتلة، او الاراضي المحتلة)، هم انفسهم الذين ينقضون العهود بعد توكيدها، هم انفسهم الذين يحاربوننا اليوم، هم الذين ماطلوا في تسليم طابا سنوات رغم وضوح الخريطة وانتمائها للارض المصرية، هم انفسهم الذين لم يطبقوا من اوسلو شيئاً الا التنسيق الامني، هم انفسهم الذين يطالبون مع عملائهم بتطبيق القرار 1701 وهم يخترقون كل يوم بل كل ساعة، نستثني منهم (ناطوري كارتا) حراس الهيكل، وبعض اليساريين وبعض المجموعات الصغيرة، ولكن الاغلبية الساحقة هم الصهاينة انفسهم المذكورون في القرآن الكريم والتاريخ…الخ.

ويجب ان نذكر هنا ان رسول الله صلى الله عليه وسلم وقّع مع يهود المدينة وثيقة تعايش واعتراف متبادل ودفاع مشترك، لم يكن اليهود يحلمون بمثلها في تاريخهم كله، ولكنهم غدروا وتآمروا وشاركوا المشركين في عدوانهم على المسلمين، فاستحقوا الاجلاء، ثم القتل وفق جرائمهم… هم انفسهم الذين ينقضون العهود ولا يعترفون بأفضال من آواهم وأخرجهم من مشاكلهم وذلهم… الخ.

ويجب ان نؤكد هنا ان اختيار يهود بني قينقاع والنضير وقريظة، اختيارهم لـ (يثرب) للسكن فيها، لانهم قرؤوا صفاتها في كتبهم وجاؤوا ينتظرون النبي الذي يعرفون صفاته ، ويعرفون ان دعوته ستنطلق من هذه المدينة، فلما جاءهم ما عرفوا كفروا به، خانوا ونقضوا العهود فاستحقوا ما حصل بهم .

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

قافلة المقاومة تسير، تستمد قوتها من الله ومن الصمود الاستثنائي لهذا الشعب الاستثنائي المميز، ومن إعداد واستعداد وهمم لم يسبق ان رأينا مثلها، ومن تضامن وتكامل بين الشرفاء في فلسطين ولبنان واليمن وسائر الشعوب الشريفة، ولن يؤخرها خيانة الخائنين وتخلف المتخلفين وجهل الجاهلين، انطلقت مسيرة التحرير الواعدة.

والحمدلله لقد تراجعت كثيراً دعوات الفتنة المذهبية على ضوء تصاعد المقاومة، وتحسن موقف الكثير من المشككين، سواء انطلقوا من موقف فقهي مزعوم، أم من جهالة او من غير ذلك، تراجع كثيرون عن التشكيك والادانة والحديث عن (حرمة تلقي الدعم من ايران، واتهام المقاومة الفلسطينية بالتبعية واقبح الصفات)، ولا تزال ثمة اصوات شاذة قليلة لن تؤثر في المسيرة باذن الله.

رابط فيديو: خطبة الجمعة: 22-12-2023: https://youtu.be/Or9Xitz2Xlg