الأوطان والأمم لا تنبى على التكاذب

      بسم الله الرحمن الرحيم

موقف سياسي أسبوعي: خطبة الجمعة:

بتاريخ 15 شعبان 1446هـ الموافق له 14 شباط 2025م

الأوطان والأمم لا تنبى على التكاذب

‏ستة عناوين لموقفنا اليوم يجمعها موعظة واحدة: ايها المسلمون ايها الحكام ايها المسؤولون لا تكذبوا على حمهوركم ولا على شعوبكم، صارحوا الناس، صارحوا جمهوركم، انطقوا بالحقيقة، اعلنوا كل الحقائق تفلحوا:

العنوان الاول: تحويل القبلة: لقد تم تحويل القبلة من القدس الى الكعبة في مثل هذا اليوم، الخامس عشر من شعبان للسنة الثانية من الهجرة، وكان العنوان لذلك ( وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ۗ….) (البقرة – 143).

تحويل القبلة كان للتأكيد على استقلالية هذه الامة ووسطيتها، اي انها تدعو الامم الى الطريق المستقيم، وليست تابعة لأي طاغوت او سلطان: اين الامة اليوم؟ بغالبية ملوكها وحكامها وامرائها تابعة للاميركي ومن خلفه الصهيوني، إلا محور المقاومة الذي تآمر عليه الجميع وتبنوا موقف الاستكبار العالمي، واتهموا المقاومة ومحورها بالارهاب والتسبب بالدمار…الخ، هم يكذبون على جمهورهم ويقودون القطعان الى الهلاك.

العنوان الثاني: 14 شباط: نحيي هذا الجمهور العريض الذي اجتمع في الذكرى العشرين لاستشهاد الرئيس الحريري (رحمه الله) ونحترم مشاعرهم وشعورهم بالانتماء، ويؤكدون هذا الانتماء برفع العلم اللبناني دون غيره، رغم هذا الزمن الذي مر على الذكرى ورغم التآمر على تيار المستقبل واخراجه من ساحة العمل السياسي، ولكننا نطالب الرئيس سعد الحريري ان يصارح هذا الجمهور بالحقائق وعلى رأسها: هل يصدّق واحد من هذا الجمهور العريض ما قررته المحكمة الدولية الخاصة بلبنان على انه الحقيقة؟ اين التحقيق اللبناني الاول الذي افضى الى تحديد المتهمين وسمى بعضهم ثم اختفى هذا التحقيق؟ اين (السنّ) الذي وجد في مكان الانفجار، واكد الفحص النووي انه لشاب عاش في الصحراء، وقيل وقتها انه الانتحاري الذي فجر الموكب؟ صُور المسيّرة التي ابرزها الشهيد السيد حسن نصر الله رحمه الله والتي بينت ان الاسرئيلي صوّر طريق الشهيد الحريري من قريطم الى مجلس النواب، وكانت الصورة تتباطأ عند المنعطفات ، لماذا لم يأبه احد لذلك، ولم يحقق احد في الامر ولم يُطلب الشريط الى المحكمة المسماة دولية؟؟ ماذا عن العميل (غسان الجد) الذي كان في مكان الانفجار الآثم، ثم سافر بعد ذلك بحوالي ساعة، لماذا لم يحقق معه ولم يذكر في التحقيق؟ اضافة الى جملة من الاكاذيب وشهود الزور الذين رافقوا التحقيق، ان الحقيقة والعدالة تقتضي ان يصارح الجمهور بكل ذلك، وألا يبقى الامر ضمن الاشاعات والخضوع للمؤامرة الدولية.

ثم اين الحقيقة عندما يقال، ان الرئيس سعد الحريري اعتزل، وهو يفكر بالعودة عن الاعتزال، والكل يعلم ان القرار عند الامير محمد بن سلمان، مؤلم جداً أن احداً من هذا الجمهور العريض أو أن اي معلق سياسي لا يتحدث بهذا الوضوح، مما يزيد الازمة تعقيداً وغموضاً.

العنوان الثالث: الحكومة الجديدة: تضم الحكومة الجديدة اسماء لامعة يتمتع كل واحد منهم بسيرة ذاتية مميزة، تتزاحم فيها الشهادات العالية والخبرات الدولية، وكذلك بالطبع الرئيس نواف سلام، وكذلك فخامة الرئيس، ولكن هل تكفي هذه الشهادات والخبرات لبناء دولة ووطن جديد؟ ان لم تكن الحكومة والحكم مجمعين بوعي كامل على ان الخطر الاسرئيلي هو الخطر الاشد على لبنان وهو الخطر المستمر، وعلى جميع اللبنانيين دون استثناء، فان كل تلك الشهادات والخبرات لن تبني وطناً ولن تفلح في فتح صفحة جديدة مشرقة في لبنان كما يتوقع اللبنانيون ويتمنون، وعليهم ان يتصرفوا على هذا الاساس سواء لتطبيق القرار 1701 او اي قرار آخر.

وهنا يأتي العنوان الرابع: الطائرة الايرانية: اي غباء اكثر من منع لبنانيين من القدوم الى بلدهم، لانهم على متن طائرة ايرانية، نقول غباء حتى لا نقول عمالة وتبعية، او بالحد الادنى هو ضعف شديد، اي مبرر يمكن ان يكون مقنعاً، مجرد تهديد افيخاي ادرعي؟ اين الضمانات الدولية؟ اين القرارات الاممية؟ اين كل السياسة العالمية التي دعمت الحكم وادت الى انتخاب الرئيس، وتشكيل الحكومة، اين كل هؤلاء من تهديد طائرة مدنية تحمل لبنانيين؟؟؟ انه امتحان حقيقي رسب فيه الحكم بكل ما فيه من امكانيات واعدة، فكيف سيتجاوز الامتحانات العسيرة القادمة؟؟؟.

العنوان الخامس: الموقف العربي من تهجير اهل غزة: كان التسجيل الذي نشره البيت الابيض عن مقابلة الملك عبد الله بن الحسين مع الرئيس ترامب الذي اظهر ضعفاً وارتباكاً شديداً، يتناقض مع ما كان معلناً عن موقف عربي موحد، ازاء هذا الجنون الترامبي الذي فاق كل توقع، الرئيس السيسي كان اكثر واقعية، الغى زيارته لواشنطن، واكتفى بموقف من القاهرة، والكل ينتظر القاهرة كما قال الملك عبد الله، اننا نتساءل كيف سيستطيع الحكام العرب ان يترجموا الموقف الرافض لفكرة التهجير، وما هي آلياتهم، وهل سيظهرون بنفس هذا الضعف والارتباك الذي ظهر به الملك عبد الله؟؟؟. لا حول ولا قوة الا بالله.

العنوان السادس: الذكرى الاربعون لتحرير صيدا واكثر الجنوب: حيث نستذكر ان الصهاينة خططوا لفتنة تحصل لدى انسحابهم وفشلوا، ثم قامت القوات اللبنانية بعد شهر كامل بهذه المهمة، فقامت بالهجوم على صيدا من شرقها دون اي مبرر، واستمر الهجوم تسعة وثلاثين يوما، ثم انسحب الاسرائيلي دون التنسيق مع القوات، وكان الخراب الذي حصل في شرقي صيدا، واستطاع الاسرائيلي ان ينفذ خطته بأيد “لبنانية”.

حتى هذا التاريخ لم نسمع كلاماً رسمياً يعترف فيه القواتيون بخطئهم الجسيم او بعمالة من قام بهذا الهجوم، ولا نزال نسمع تبريرات غير مقبولة تزيد من الغموض والالتباس الذي يغلف المحطات التاريخية في تاريخنا الحديث، ندعوهم الى الصدق والمصارحة، والا فانهم سيفقدون حجمهم التمثيلي مع مر الزمن وانكشاف الحقائق.