بسم الله الرحمن الرحيم
موقف سياسي أسبوعي: خطبة الجمعة:
بتاريخ 17 رجب 1446هـ الموافق له 17 كانون الثاني 2024م
ولكنه نصر
ليس هذا هو النصر الذي تمنيناه وسعينا اليه وحلمنا به، ولكنه نصر حقيقي في بعده الرئيسي، ولقد كان المحللون والمؤرخون يؤكدون دائماً ان الهزيمة والنصر لا تقاسان بالضحايا والخسائر، ولكن تقاس بالاهداف التي رسمت لهذه الحرب او تلك، وهنا يصبح الامر اوضح:
اولا: لقد وضع الاسرائيلي، على لسان نتنياهو وبلهجة جازمة، هدفاً رئيسياً للحرب، هو القضاء على حماس، القضاء على المقاومة، حالمين بألا تتكرر عملية 7 تشرين، ثم وجدوا ان الامر مستحيل، فتحدثوا عن شل المقاومة او اخراج قادتها من غزة، ثم وجدوا ذلك صعباً فتحولوا الى حرب ابادة بكل ما في الكلمة من معنى، واستهدفوا التجمعات والاماكن التي يكتظ بها الناس، فضلا عن المستشفيات واماكن الايواء، وقبل ذلك استهدفوا الافران، يريدون تجويع الناس وقتلهم بالجوع، وتدمير الانفاق.
حتى هذا لم يستطعيوه بحول الله، فتحدثوا عن خطة الجنرالات التي تعني تهجير شمال القطاع الى جنوبه، كما تتضمن فصل الشمال عن الجنوب من خلال احتلال معبر نتيساريم، واضافوا الى ذلك انهم ماكثون في معبر فيلاديلفيا ليراقبوا تهريب السلاح من مصر وغير ذلك.
كل هذه الاهداف لم تتحقق: ان الاتفاق يلغي كل هذه الطروحات والاحلام غير المشروعة للاسرائيليين، وبالتالي بهذا المعنى فان الذي تحقق نصر استراتيجي.
ثانيا: المؤامرة طويلة بدأت منذ ما بعد وعد بلفورعام 1897، بل ثمة من تحدث عن كلام قاله نابليون عن وطن قومي لليهود في فلسطين، بغض النظر بدأ تفتيت العالم العربي والاسلامي منذ ان رفض السلطان عبد الحميد عروض تيودور هرتزل المغرية، فكانت سايكس – بيكو، ثم الثورات العربية التي تم تدجينها.
واستطاع الصهاينة من خلال الاميركيين وغيرهم ان يسيطروا على الملوك والامراء والحكومات، بل وصلوا الى ان ينصبّوا من يشاؤون وان يخلعوا من يشاؤون … الخ.
وهكذا خاضت المقاومة في لبنان وفلسطين حرباً ضروساً وعدواناً متفوقاً في بحر من الخيانة العربية والتخلف والاستسلام لارادة الصهيوني والاميركي معا.
معنى ذلك ان اي شيء تحقق يضرب بأضعاف ، تماماً كما يصبح صحن الطعام او اللقمة وليمة فاخرة في المجاعة وفي الازمات.
ان اي شيء تحقق هو اضعاف ما نراه وما تحسبه الاقلام وما تتحدث عنه وسائل الاعلام، وعلينا هنا ان نؤكد: ان المقاومة تخوض حرباً في التاريخ كما في الجغرافيا.
ثالثا: رغم الحرب الضروس على ايران، رأس محور المقاومة، رغم ما انفق من اموال من اجل تضخيم الخلاف المذهبي ووضعه كأولوية حتى عند من لا يقيمون للدين وزناً، رغم الحصار والاكاذيب وكل شيء، استطاع محور المقاومة خاصة من لبنان ومن اليمن ان يثبت انه لا يزال في الامة خير، والشعارات التي رفعها المحور وضحّى في سبيلها ادت دورا تاريخياً سيكتب بأحرف من ذهب.
بالحد الادنى اثبتت المقاومة ان في جسد الامة المتهالك المقبل على ما يشبه الموت عرقاً ينبض بالحياة، وبالتالي يمكن ان تتم معالجة هذا الجسد المهتريء، يعني ان المقاومة فتحت باب امل لكل الامة وليس فقط لفلسطين واهلها.
رابعا: المعركة طويلة، لم يقل احد ان 7 اكتوبر كانت نهاية المطاف، بل كانت تهدف الى تبييض السجون، او الى تحرير عدد كبير من السجناء ومن كبار السجناء خاصة، وهذا سيتحقق باذن الله، ولم يقل احد ان هذه العملية النوعية ستنهي اسرائيل، وبالتالي سيتحقق اهم هدف رفعته المقاومة ان شاء الله.
خامسا: في نظرة على الاعلام الاسرائيلي وعلى الحياة السياسية لدى العدو يصبح تقديرنا لهذا النصر اكبر، حيث رأينا التعليقات التي تعبر عن احباط العدو وعن خيبة امل كبيرة، خاصة عندما يتم المقارنة بين الاهداف المعلنة وبين النتائج.. يضاف الى ذلك الخسائر المالية الهائلة التي قد لا تعتبر في بعد من الابعاد خسارة حقيقية لان الاميركي يعوض الخسائر المالية، ولكن كافة المعنويات لدى الصهاينة قد انهارت فعلاً.
سادسا: عملية فرز خلال الاربعمائة يوم المنصرمة: لقد تمت عملية فرز في العالم كله اصبحنا نعلم من معنا ومن ضدنا، من يتعاطف معنا ومن يشمت فينا، وهذا مهم جدا حتى لا نعلق آمالاً كبيرة على المجتمع الدولي وعلى شرعة حقوق الانسان وعلى كافة القوانين التي صُورت لنا وكأنها مقدسة، وكأنها ارث انساني ثمين يتم المحافظة عليه ببذل الغالي والنفيس.
سابعا: وليس آخراً، لقد ترسخت فكرة زوال اسرائيل في اذهان الصهاينة وفقد الجزء الاكبر من المستوطنين والمنخرطين في الاوهام الصهيونية، فقدوا الثقة في هذا “الوطن” الذي صورته الصهيونية انه اكثر الاماكن اماناً للصهاينة، وانه ملجأ الهاربين من الظلم العالمي والمجازر التي مورست على اليهود خلال الحرب العالمية الثانية، فتبين ان فلسطين المحتلة هي اقل الاماكن اماناً، حيث لا يأمن الصهيوني من صاروخ يطلق من لبنان او اليمن او العراق او من غزة ومن اماكن اخرى، كما لا يأمن من عملية دهس او طعن او تفحير او خطف، اما عدد المهاجرين الذين لن يعودوا الى فلسطين فحدّث ولا حرج، ويكفي ان هاجس الثمانين اصبح حديثاً يومياً لدى الصهاينة.
الخاتمة: نعم تكبدنا خسائر هائلة وفقدنا قادة اعزاء مميزين، قد لا يمن علينا الزمان يمثلهم وشرد مئات الآلاف وحرم مئات الآلاف من بيوتهم، واصيب مئات الالاف بجراح بعضها يمنع امكانية الحياة الطبيعية.
كل ذلك وغيره صحيح ، والصحيح ايضا ان هؤلاء القادة تحولوا الى رموز ومشاعل على الطريق، تحولوا الى ايقونات لا يوجد مثلها في مجتمعات اخرى، والحمدلله رب العالمين…
والبقية تأتي…
_______________
اما في لبنان:
فاننا نبحث عن الايجابيات: في مقابلة أُجريت معه عام 2020 اعرب الرئيس نواف سلام عن كثير من الافكار التي يمكن ان يبنى على ايجابياتها: كان جزءاً مما عم شباب السبيعنات وما قبلها، يساريون يدعمون نضال الشعب الفلسطيني، كما انه ساهم كسفير للبنان في الامم المتحدة في اعطاء مقعد مراقب لفلسطين في الامم المتحدة، ومقعد كامل في الاونيسكو … كما انه عندما انتخب للمحكمة الدولية فانه لم يحظ بصوت اميركا وبريطانيا واليابان وكرواتيا، وهذا يشير الى انه ليس جزءاً من السياسة الاميركية كما تم تصويره، والله اعلم.
فلنعلق على الايجابيات، عسى ان يكون العهد الجديد باباً للأمل.
عسى ألا يخطىء الرئيسان في تمكين القاضي طارق البيطار من مسيرته المشبوهة، من خلال اتهام عدد كبير من المسؤولين على غير قاعدة قانونية واضحة، واعفاء آخرين، سيكون خطأ جسيم اذا ما استأنف البيطار اتهاماته وادعاءاته على نفس الشكل الذي بدأ به، انه ليس قاضياً انه مهرج مسيس.
_________________
هل حرائق لوس انجلوس عقوبة ربانية؟ لا نستطيع تأكيد ذلك لاسباب عديدة، لكن الاعلام الاميركي امتلأ بتسجيلات تؤكد ان كفراً بواحاً صدر من مقدمة برامج ومن آخرين، في احتفال سينمائي قبل يوم من الحرائق، قيل فيه بشكل واضح: هذه مدينة لا تؤمن بالله، ووجهت اهانات للذات الالهية، فكانت الحرائق، هذا كلام الاميركيين وليس كلامنا ، والله اعلم.
رتبط فيديو:خطبة الجمعة: 17-1-2025:
https://www.facebook.com/shekh.maherhammoud/videos/1282367216240521