بسم الله الرحمن الرحيم
موقف سياسي أسبوعي: خطبة الجمعة:
بتاريخ 4 جمادى الآخرة 1446هـ الموافق له 25 كانون الاول 2024م
لا نستحق افضل من ذلك…
لعل الامة تعاقب اليوم، يسلط الله عليها الاميركي، يحرك حكامها واحزابها والنافذين فيها، بمن فيهم من يدّعون انهم اسلاميون، او كثيرا منهم…، يسلط الله عليهم اليوم الجولاني، بحلته الجديدة، حيث يحاول ان يظهر اليوم بحلة جديدة، وشكل جديد، وكأنه تخلى عن الذبح والقتل وتكفير الامة… الخ.
يقول تعالى: (قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَن تَشَاءُ وَتَنزِعُ الْمُلْكَ مِمَّن تَشَاءُ وَتُعِزُّ مَن تَشَاءُ وَتُذِلُّ مَن تَشَاءُ ۖ بِيَدِكَ الْخَيْرُ ۖ إِنَّكَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (26)) (آل عمران) ، والملك ليس فقط الكرسي او العرش، بل كل ما يمكن ان تمتلكه، حتى لو كان شيئا بسيطا، وفي لفتة هامة للمرحوم العلامة الشعراوي، خاطب الرئيس مبارك مستشهداً بالآية الكريمة: (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِي حَاجَّ إِبْرَاهِيمَ فِي رَبِّهِ أَنْ آتَاهُ اللَّهُ الْمُلْكَ…(258)) (البقرة)، باشارة واضحة بان النمرود، وهو من اظلم واسوأ من تسلم كرسياً أو حكماً، … الله الذي آتاه الملك…، يعني انت ايها الحاكم اياك ان تظن ان وصلت الى الحكم او طال حكمك وازدادت قوتك، ان هذا كان بقدرتك وقرارك، بل ان الله هو الذي مكنك من هذه السلطة.
كما ان الله تعالى خاطب المسلمين في سورة النساء عن بعض اعدائهم قائلا: (…وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ لَسَلَّطَهُمْ عَلَيْكُمْ فَلَقَاتَلُوكُمْ ۚ فَإِنِ اعْتَزَلُوكُمْ فَلَمْ يُقَاتِلُوكُمْ وَأَلْقَوْا إِلَيْكُمُ السَّلَمَ فَمَا جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ عَلَيْهِمْ سَبِيلًا (90))، كما نستفيد من قوله تعالى: (… وَلَوْلَا دَفْعُ اللَّهِ النَّاسَ بَعْضَهُم بِبَعْضٍ لَّفَسَدَتِ الْأَرْضُ وَلَٰكِنَّ اللَّهَ ذُو فَضْلٍ عَلَى الْعَالَمِينَ (251)) (البقرة)، ان الله تعالى يسلط بشرا على بشر وقوما على آخرين، حسب ذنوب العباد وما يستحقون، وبالتالي نقول اليوم، والله اعلم، ان الامة تخلت عن فلسطين ولم تكن على مستوى المرحلة على الاطلاق، سنة كاملة وشهران وحرب الابادة مستمرة على فلسطين ولبنان، ولم تتحرك الامة، الا القليل الذي لا يقاس عليه، وقبل ذلك ما حصل من انحرافات سياسية لا تحصى وركون الى الدنيا، ادنّا الملوك والحكام، ثم تساءلنا اين الشعوب؟ اين الحركات الاسلامية التاريخية؟ اين النخب الثقافية؟ هل التظاهرات والتحركات التي حصلت في العالم الاسلامي، كانت على مستوى ما حصل ويحصل في فلسطين ولبنان؟؟؟.
كما تكونوا يولى عليكم، لا تستحق الامة اليوم افضل من الجولاني، ولا افضل من محمد بن سلمان، او السيسي او محمد بن زايد، حتى لو انكم، ايتها الامة، لم تختاروا هؤلاء بشكل مباشر، ولكنكم بخياراتكم الفكرية وتخليكم عن المقاومة، ورفضكم لشعار (امريكا الشيطان الاكبر)، والبحث عن سلبيات المقاومة، والتركيز على اخطاء سوريا وتضخيم مخالفاتها في مجال حقوق الانسان، ونحن لا ننكرذلك، ولانكم لم تقدروا وقفة سوريا وحيدة مع المقاومة، ولم تتم ادانة قانون قيصر، الاسوأ في ما فعلته اميركا في تاريخها الحديث.
علينا ان نتذكر في هذه المرحلة كتباً كثيرة اسهبت في وصف القدرة الاميركية على التحكم في مصائر الشعوب وتنصيب الحكام واقتالتهم، وتجيه الرأي العام في الاتجاه الذي يريده الاميركي ومن خلفه الصهيوني … الخ، ومن بعض هذه الكتب:
لعبة الامم (مايلز كوبلاند)، احجار على رقعة الشطرنج (وليم غاي كار) ، وحكومة العالم الخفية (شيريب سبيريدوفيتش) … الخ.
سلط الله علينا هؤلاء، الذين اثبتوا منذ اليوم الاول انهم ينتمون لفكر الخوارج، وليس لفقه اهل السنة والجماعة … الخ، ثم انهم يأتمرون بالاوامر الاميركية حتى لو جاءت عن طريق الاتراك او غيرهم!.
كما لا بد من توجيه سؤال للمتحمسين: هل كان هؤلاء المسلحون بسلاح غربي ومدعومون بالمال الاميركي وغيره، هل كان يمكن ان يحققوا شيئاً مما حققوه لولا قانون قيصر الذي (مص) خيرات سوريا ومنع عنها كل خير، ولو الغارات الاسرائيلية التي دمرت قدرات الجيش السوري وحلفائه ، ولولا هذا الدعم الاعلامي الهائل الذي يرافق “ثورتكم”؟؟؟.
ان الامة، والله اعلم، تعاقب اليوم على انحرافها عن الاسلام وعن الشعارات الكبرى التي رُفعت في يوم من الايام لتصبح الاهداف الدنيوية الشخصية مقدمة على كل الاهداف الكبرى والمحترمة … الخ.
الصورة سوداوية قاتمة، والمستقبل القريب يبدو انه اقبح من كل التوقعات…
فأين الوعد الالهي؟ لا يمكن ان تزول اسرائيل على ايدي قُمامة من امثال من يحكمنا ومن يملك مقدراتنا… اذن الوعد سيأتي على يد (داوود) جديد يختاره الله من الامة لينفذ وعده العظيم ، الامة لا تستحق هذا الوعد، ولكن الوعد وعد الله ولا بد ان يتحقق.
رابط فيديو: خطبة الجمعة: 6-12-2024:
https://www.facebook.com/shekh.maherhammoud/videos/1121425292713001