بسم الله الرحمن الرحيم
موقف سياسي أسبوعي: خطبة الجمعة:
بتاريخ 29 ربيع الآخر 1446هـ الموافق له 1 تشرين الثاني 2024م
نتنياهو الفرعون
لقد اسهب القرآن الكرم في الحديث عن فرعون وكبريائه وسائر صفاته، لقد ذُكر اسمه 74 مرة، كما ذكرت قصته مع سيدنا موسى عليه السلام في 24 سورة، بعضها بالتفصيل الكامل، ومن الخطأ ان نظن ان هذه القصة المكررة هني تأريخ وحديث عن فترة معينة من التاريخ ، بل المقصود توصيف قيادة تتمتع بهذه الصفات تتكرر في التاريخ ، هي نموذج متكرر، بغض النظر عن هويتها الدينية او القومية.
والصفات المتقدمة ذكرت في القرآن تباعاً، نبدأ بالاستبداد بالرأي (… مَا أُرِيكُمْ إِلَّا مَا أَرَىٰ وَمَا أَهْدِيكُمْ إِلَّا سَبِيلَ الرَّشَادِ (29)) (غافر)، وانه يصف نفسه بالرشاد والحرص على دين الناس ومصالحهم وانه راع للاصلاح، (وَقَالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسَىٰ وَلْيَدْعُ رَبَّهُ ۖ إِنِّي أَخَافُ أَن يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَن يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسَادَ (26)) (غافر)، ولا بد من جمهور يصفق له، فلن يستطيع ان يكون فرعوناً حتى يكون له جمهور يصفق له ويحسن له ما يصنعه (فَاسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ ۚ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ (54)) (الزخرف)، ويصل الى قمة الاستكبار عندما يحاول ان (يقتل الله) والعياذ بالله، وهذا مذكور في سورتين، في سورة القصص (وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُم مِّنْ إِلَٰهٍ غَيْرِي فَأَوْقِدْ لِي يَا هَامَانُ عَلَى الطِّينِ فَاجْعَل لِّي صَرْحًا لَّعَلِّي أَطَّلِعُ إِلَىٰ إِلَٰهِ مُوسَىٰ وَإِنِّي لَأَظُنُّهُ مِنَ الْكَاذِبِينَ (38))، وفي سورة غافر (وَقَالَ فِرْعَوْنُ يَا هَامَانُ ابْنِ لِي صَرْحًا لَّعَلِّي أَبْلُغُ الْأَسْبَابَ (36))، ان نتنياهو يتمتع بكل هذه الصفات وجمهوره كذلك، واضاف الى ذلك، لاستخفاف بالذات الالهية عندما قال ما معناه، لا لزوم لوجود رب العالمين اذا لم ينصر بني اسرائيل … الخ.
ومن حيث المفترض ان نهاية فرعون، هي الغرق والذل، في الحياة الدنيا قبل الآخرة، لكنه يتمتع بقوته وجبروته فترة من الوقت، ولا شك ان الصفة الرئيسية له هي الكذب وهذا اكثر ما يتميز به نتنياهو… نتنياهو اليوم فرعون بكافة الصفات ونهايته كنهاية فرعون باذن الله.
نحن المنتصرين: اذا استطعنا ان نخرج من التفاصيل، ونتعالى عن الجراح، واستطعنا ان ننظر الى المشهد من المنظار الواسع، فاننا نستطيع ان نؤكد اننا منتصرون ونستطيع ان نكرر ان الكلام في النهاية للميدان، فلقد قرأنا في صحف العدو ان شهر تشرين الاول المنصرم كان اسوأ شهر في تاريخ الكيان الصهيوني بسبب عدد القتلى الاسرائيليين في جنوب لبنان كما في غزة، ورأينا الوزير الصهيوني (سموتريش) يبكي ويقول نحن نذهب من جنازة الى جنازة وندفع ثمناً باهظاً لا يتناسب مع عددنا… كما ان الصحافة والخبراء يؤكدون ان حجم القوة الاسرائيلية التي تحاول الدخول الى الجنوب تفوق بثلاثة اضعاف القوة التي حاولت الدخول الى الجنوب عام 2006 ولكنها لم تستطع، وان سُمح لها بالدخول فيكون ذلك استدارجاً لافنائها.
كلام الامين العام: ولا بد ان ننوه بأن كلام الامين العام الشيخ نعيم قاسم لا يقل اهمية عن خطاب السيد الشهيد، من حيث اعتمادها على المنطق وتسلسل الافكار والوصول بهدوء الى النتائج المفترضة، كما انها تميزت باختيار موفق للآيات الكريمة، وكل ذلك ينبغي ان يساعد في مد المقاومة بالبعد المعنوي المطلوب.
صهاينة الداخل: لا شك ان ثمة من يتحدث باسم الصهاينة في الداخل، حتى لو حاولوا ان يصبغوا كلامهم بالحرص على المصلحة اللبنانية وما الى ذلك، فأن يقول احدهم مثلاً ان الصهاينة لا يستهدفون الا المقاتلين ويحاولون تجنب الخسائر بين المدنيين، دون ان يرى المجازر التي تحصل يومياً، فهو ينطق باسم الصهاينة.. وان يتبرع بعضهم مثلاً، بالحديث عن الشرق الاوسط الجديد وعن حتمية رسم الخريطة السياسية للبنان بعد (حزب الله)، وان يقول ان لبنان هو الذي اعتدى وما الى ذلك، كل ذلك هدية مجانية للعدو الصهيوني، واللطيف ان اكثر هؤلاء “الواعظين” متورطون بالنهب للمال العام ويتمتعون بتاريخ سياسي ملوث … الخ.
الفتنة: اسرائيل تريد الفتنة بين اللبنانيين، هذا امر واضح لا شك فيه ومن دون ادنى ريب ان اختيار الصهاينة لمنطقة عاريا “لاصطياد” المقاومين، انما هدفه ايقاظ الفتنة التي طالما ذرّت قرنها من كوع الكحالة الشهير الذي لا يبعد عن المكان الا مسافة قصيرة، لقد قطعت هذه السيارات المستهدفة اكثر من 50 كلم من حيث انطلقت، كما يفترض، فلماذا اختيار هذه النقطة بالذات، كما سمعنا كثيرا من الناطقين باسم العدو بشكل مباشر “يحذرون” المدنيين من تغلغل المسلحين بينهم، كل ذلك يؤكد على الرغبة بالفتنة.
هوكشتاين والكذب: لا شك ان ما طرحه هوكشتاين كذب، اما انه يضحك علينا او ان الصهيوني يضحك عليه، كيف يمكن ان يصدق احد ان يعطي نتنياهو “هدية” لبايدن في آخر ايامه، وهو الذي يراهن على ترامب وصهيونيته المتميزة، ولقد اوضح اللبنانيون الامر واعلنوا ان نتنياهو هو لا يريد وقف اطلاق النار، لقد كان ذلك واضحاً في رؤيتنا منذ البداية.
رابط فيديو: خطبة الجمعة: 1-11-2024: https://youtu.be/OkJqh5TzZ0w