لا يهزم القرآن

    بسم الله الرحمن الرحيم

موقف سياسي أسبوعي: خطبة الجمعة:

بتاريخ 22 ربيع الآخر 1446هـ الموافق له 25 تشرين الاول 2024م

لا يهزم القرآن

قد يُهزم المسلمون، وقد هُزموا في التاريخ كثيراً، أمام الصليبيين وأمام التتار وأمام الاستعمار المعاصر، ولكن القرآن لا يهزم، هو الكتاب الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه (يعني في المستقبل) ومن خلفه (يعني فيما سبق من زمان)، وعندما يكون القرآن في مواجهة اساطير التلمود، والتوراة التي حرفوها وازالوا كل ما يؤكد البشارة بنبوة محمد صلى الله عليه وسلم وصفاته واضافوا ما يتناسب مع اباطيلهم بقوله تعالى (فَوَيْلٌ لِّلَّذِينَ يَكْتُبُونَ الْكِتَابَ بِأَيْدِيهِمْ ثُمَّ يَقُولُونَ هَٰذَا مِنْ عِندِ اللَّهِ لِيَشْتَرُوا بِهِ ثَمَنًا قَلِيلًا ۖ فَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ وَوَيْلٌ لَّهُم مِّمَّا يَكْسِبُونَ (79)) (البقرة)، لن يهزم القرآن، خاصة وانه قد ربط الصراع مع الصهاينة بعظمة القرآن، ففي اول سورة الاسراء وبعد ان يتحدث عن العلو والفساد ودخول المسجد الاقصى يختم ذلك بقوله (إِنَّ هَٰذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ وَيُبَشِّرُ الْمُؤْمِنِينَ الَّذِينَ يَعْمَلُونَ الصَّالِحَاتِ أَنَّ لَهُمْ أَجْرًا كَبِيرًا (9)) (الاسراء)، وفي اخر السورة وبعد الحديث عن اجتماع بني اسرائيل في ارض فلسطين (وَقُلْنَا مِن بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا (104)) (الاسراء)، يؤكد : (وَبِالْحَقِّ أَنزَلْنَاهُ وَبِالْحَقِّ نَزَلَ ۗ وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا (105)) (الاسراء).

اذن نحن الآن في صراع بين القرآن الكريم وما وصف به بني اسرائيل، ونراه عياناً في كل يوم، وبين التوراة المحرفة التي ادخلوا فيها فكرة الشعب المختار، وان كل من هو غير يهودي حيوان، يجوز قتله او ظلمه او نهبه وما الى ذلك، فعلى الامة ان ترتفع الى مستوى القرآن حتى تنتصر، المقاومون في لبنان وفلسطين وسائر المحور وصلوا، والله اعلم ولا نزكي على على الله احداً، الى المستوى الذي يؤهلهم لنزول النصر عليهم، وماذا عن الامة الغارقة في الضلالة والفساد والبعد عن الله، هذه الامة التي تخلت عن فلسطين واهلها، بل قد ساعدت وعاونت وشاركت الصهيوني في عدوانه، او في الحد الادنى صمتت، لا بد ان ترتفع الى مستوى الاسلام حتى ننتصر.

لسنا بحاجة للاستشهاد بكلام اللئيم العنصري المجرم (انطوني بلينكن) الذي قال عندما جاء لاول مرة بعد الطوفان الى الارض المحتلة قائلا: جئتكم كيهودي وليس كوزير خارجية اميركا، ولكن كلامه امس توافق مع عقيدتنا فقال: نحن عاجزون عن اقناع نتنياهو بوقف اطلاق النار وستشهد المنطقة احداثاً جساماً … الخ.

هذا يتوافق مع ما كنا نقوله من اول الطوفان: نحن في مرحلة: (… وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا (6)) (الاسراء)، والنفير في هذه الآية هو الاستنفار وليس العدد، كما قد يتوهم البعض، وبالفعل هم الآن في اقوى درجات الاستنفار، العالم كله يدعمهم، وتعجز اميركا، كما يقول بلينكن، عن السيطرة على القرار الصهيوني … الخ، وبالتالي، والله اعلم، نحن في هذه المرحلة، وما بعدها … (إِنْ أَحْسَنتُمْ أَحْسَنتُمْ لِأَنفُسِكُمْ ۖ وَإِنْ أَسَأْتُمْ فَلَهَا ۚ…) (الاسراء – 7)، لقد اساؤوا فقتلوا الاطفال ودمروا المستشفيات واستهدفوا الصحافيين ودمروا البيوت الآمنة وهجروا الملايين، ولم يتركوا محرماً الا ارتكبوه، فما هي النتيجة، فاء السببية تنبئنا بما بعد ذلك: (… فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ لِيَسُوءُوا وُجُوهَكُمْ وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7)) (الاسراء).

وهنا لا بد من اعادة التأكيد ان المرة الاولى حصلت على يد نبوخذ نصر في العام 587 قبل الميلاد، ولم يجتمع بنو اسرائيل في كيان سياسي حتى يومنا هذا، ولمن يسأل ان الذي ازال كيان بني اسرائيل اول مرة ودمر كيانهم واخذ احجار الهيكل، هو نبوخذ نصر، الذي ينسبه التاريخ الى شعب وثني، فكيف يوصف بالقرآن انه (عباداً لنا)، نقول ليس كل ما يذكر في التاريخ صحيحاً من جهة، ومن جهة اخرى ان الله خاطب اهل جهنم بقوله (… أَأَنتُمْ أَضْلَلْتُمْ عِبَادِي هَٰؤُلَاءِ أَمْ هُمْ ضَلُّوا السَّبِيلَ (17)) (الفرقان)، وللبحث تتمة.

اذن نحن ، والله اعلم ، في مرحلة (وَجَعَلْنَاكُمْ أَكْثَرَ نَفِيرًا)، ثم يلي ذلك الدخول الى المسجد الاقصى.

ان من شروط الدخول الى المسجد الاقصى، ان نكون كالمرة الاولى التي دخلنا فيها الاقصى، بدليل قوله تعالى: (… كَمَا دَخَلُوهُ … (7)) (الاسراء)، فلا بد ان نصلح شأننا ونصبح امة واحدة، لقد جاء عمر بن الخطاب الى القدس ليستلم مفاتيح الاقصى من بطريرك القدس (صفرونيوس)، بإشارة بل برأي قاطع من سيدنا علي (رضي الله عنه)، وخالف سيدنا عمر كافة الصحابة الكرام، والتزم برأي علي، كما كان يفعل دائماً.

لن ندخل الاقصى سنة وشيعة، وقوميات واحزاباً متخاصمة، هذا يكفر هذا وذاك يبّدع ذاك، كل حزب بما لديه فرحون، بل علينا ان نوحد الصف ونتجاوز الخلافات التي تدل على عجز عن فهم القرآن، وعن تخلف وجهل يدعمه الصهيوني والاميركي بشكل واضح.

لقد اصبح ذلك قريبا باذن الله، وكما قال الكذاب (بلينكن) ايضا، التطورات ستكون صادمة واستثنائية، نحن المنتصرين باذن الله، وعلامات النصر، اعطانا اياها ابراهيم حيدر، الذي قاتل وحيداً واحتاجت اسرائيل الى غارة من الطيران الحربي حتى تقتله، ومثله كثيرون في لبنان وفلسطين، ولن يزيدنا اغتيال القادة وآخرهم السيد هاشم صفي الدين الا عزماً ومضاءً وانطلاقاً نحو الامام باذن الله.

 

انتشار الجيش في الجنوب:

كما ان كذبهم ودجلهم واضح، وقد وصفهم القرآن بأنهم يقولون على الله الكذب، يدعون لانتشار الجيش اللبناني في الجنوب وهم يقتلون ابطال الجيش اللبناني دون اي سبب عسكري ، وقتلوا البطل العقيد محمد فرحات، وهو يساعد في اسعاف الجرحى، لماذا؟ لانه منع الجيش الاسرائيلي منذ عام في ان يتقدم في نقطة محددة عن الخط الازرق، ان كان الجيش الاسرائيلي سيقتل كل من يخالفه فماذا سيفعل عندما ينتشر الجيش “ليحمي” الحدود؟ ثم هل يُسمح لهذا الجيش في ان يمتلك السلاح المناسب، او ان يستعمله اذا امتلكه؟ وماذا سيفعل بسلاح حزب الله ان تسلمه، كما يفترضون في مخيلاتهم المريضة…؟.

ليس انتشار الجيش طرحاً جدياً ، ولا يطرحه الوسطاء الا لمحاولة الالتفاف على المقاومة ، ولن يفلحوا.

 

لسنا بحاجة لمؤتمر باريس:

كما قلنا بالنسبة للمساعدات العربية الشحيحة، نقول بالنسبة لمؤتمر باريس “الداعم” للبنان:

كمطعمة الايتام  من كد فرجها     ليتك لم تزن ولم تتصدق

كنا بحاجة الى موقف منكم واضح، الى وقفة في وجه المجازر والدمار والابادة، اكثر بكثير من اجتماعكم الشكلي الذي لا نعلم ماذا يصل منه الى اللبنانيين، وما الذي سيدخل الى جيوب السياسيين، وما الذي سينفذ منه وما الذي سيبقى حبراً على ورق؟ ويبقى رهاننا على المقاومة وليس على المؤتمرات والمساعدات والبيانات …الخ.

رابط فيديو: خطبة الجمعة: 25-10-2024: https://youtu.be/Q4vh42-OD8A