بسم الله الرحمن الرحيم
موقف سياسي أسبوعي: خطبة الجمعة:
بتاريخ 25 شعبان 1444هـ الموافق له 17 اذار 2023م
الاتفاق ؟
الاتفاق الايراني السعودي الذي أعلن من الصين، حدث تاريخي هام لا يمكن تجاوزه سواء من المنطلق الوطني والمصلحي، أو من المنطلق الإسلامي، فهو يعني دولتين كبيرتين ترفع كل منهما لواء الاسلام، كلٌ على طريقته…
وحتى نفهم هذا الاتفاق، لا بد أن نسلط الضوء على جذور الخلاف بين السعودية وإيران… حيث يظن الكثيرون أن الخلاف هو مذهبي بالدرجة الأولى، فيما أن الواقع يقول أن الخلاف المذهبي قد يكون عنوانا ثانويا في هذا الخلاف، أما الخلاف أو الاختلاف الرئيسي فهو في الانتماء السياسي، حيث نشأت الدولة السعودية المعاصرة بالمال الأمريكي والدعم السياسي الأمريكي، فلقد تم ابرام الاتفاق مع شركة كالتكس الاميركية منذ العام 1932، حيث دفعت أميركا أو شركتها هذه ضعف السعر الذي كانت تدفعه الشركة البريطانية، فتوطدت العلاقة الأميركية السعودية وتحولت إلى التزام كامل، حيث أعطى الملك عبد العزيز موافقته الكاملة على إعطاء فلسطين “للمساكين” اليهود في 14 شباط 1945 على ظهر البارجة الأمريكية كوينسي، وذلك في اجتماع ضمه مع الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت.
لقد ارتبط نشوء هذه الدولة مع فكرة أن الأمريكي “نافع” ومفيد، بل ضروري لاستمرار الحكم في السعودية، كما اكد بشكل واضح الرئيس الاميركي السابق ترامب، فيما العكس هو الصحيح بالنسبة لإيران، حيث يختزن المواطن الإيراني مهما كان انتماؤه ذكريات مؤلمة عن السياسة الاميركية في بلاده، واهمها عندما استطاع الاميركي من خلال عملائه، ومن خلال احداث الفوضى في الشوارع، واعادة الشاه الى السلطة بعد الانقلاب الوطني الذي قام به محمد مصدق على الشاه عام 1953 ، وقام بتأميم النفط وطرد الشركات الاجنبية، لقد مثل التدخل الاميركي وقتها قمة الظلم والاستبداد بالنسبة للشعب الايراني برمته.
ثم ان الاميركي سن قوانين مجحفة بحق الايراني، بحيث، مثلا، لو ان اميركيا قتل ايرانيا في ايران فلا يحق للمحاكم الايرانية ان تحاسبه، بل يحاكم امام المحاكم الاميركية وهلم جرا….
وعندما قامت ثورة الامام الخميني رفعت شعارين مهمين ظلت وفية لهما، مع سائر الشعارات : اميركا الشيطان الاكبر، ويجب ازالة اسرائيل من الوجود.
هنا التباين الكبير …
اليوم وفرت لنا فرصة الخصومة الشخصية بين الرئيس بايدن وابن سلمان ، فرصة حصول هذا الاتفاق، بحيث ان اي شيء يغيظ بايدن ترحب به جهات اميركية اخرى وعلى رأسها الحزب الجمهوري الذي يتربص ببايدن وينوي العودة الى الحكم في العام القادم.
ان هذا الاتفاق تم دون اي تنازل عن المبادئ والاسس التي تلتزم بها ايران الاسلامية، وعلى رأسها المقاومة و “نفوذها” في المنطقة.
نتفاءل بهذا الاتفاق، ونتمنى ان ينعكس ايجابيا على لبنان، وان كانت المخاوف تبقى كبيرة، ونخشى ان تكون مجرد تهدئة مؤقتة، قبل استئناف خصومة جديدة، ولكن، ما اضيق العيش لولا فسحة الامل.
وبالنسبة لانتخاب رئيس للجمهورية، فانه ليس عند خصوم المقاومة اي خيار آخر، خاصة انهم لم يقدموا اي مرشح جدي، عليهم ان يوافقوا على المرشح المدعوم من المقاومة، وان يكفّوا عن الادعاء ان موقفهم ثابت مبدئي، فعندما تأتيهم الاوامر السعودية او الاميركية، فلن تكون اية فرصة للادعاء انهم سياديون يلتزمون المواقف المبدئية، بالحد الادنى سيكونون ملزمين بتأمين النصاب… من يصدق ادعاءاتهم؟.
رابط فيديو: خطبة الجمعة: 17-3-2023: https://youtu.be/ernzQM_j3-8