الصدق واوضاعنا

بسم الله الرحمن الرحيم
موقف سياسي أسبوعي
لرئيس الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة سماحة الشيخ ماهر حمود:
خطبة الجمعة بتاريخ 27 صفر 1444هـ الموافق له 23 ايلول 2022م

الصدق واوضاعنا

ان أهم الصفات الانسانية، هي الصدق، وان هذه الصفة العظيمة لو توفرت في اي مجتمع لقلبت حاله الى افضل حال، ولكن الكذب متفش على كل المستويات من كبار المسؤولين واصحاب الثروات، الى التاجر الصغير الذي يبيع في يومه بدريهمات.
ومن شبه المستحيل أن تتخيل أن مجتمعنا، واي مجتمع سيتخلى عن الكذب ويلتزم الصدق والاستقامة، فالكذب أصبح جزءاً يومياً من حياة الناس، وهكذا كان طوال الحياة البشرية، ولكن بعض الاكاذيب اكثر ضرراً من غيرها وأفتك في المجتمعات البشرية من البعض الآخر.
تقوم حروب ويقتل الملايين تحت شعارات كاذبة، وأهم ما نعانيه كذب الغرب بالشعارات الكبرى، كالديمقراطية التي يمارسونها في بلادهم بشكل او بآخر ويمنعونها عنا، بل يدعمون الديكتاتوريات الظالمة والارهاب المدمر، والحروب العبثية، وينهبون الثروات ويزعمون انهم من دعاة حقوق الانسان … الخ.
وان من أهم الاكاذيب تلك الشعارات السياسية التي تخالف ابسط الحقائق، فعندما يسمي “اصدقاء” أميركا أنفسهم سياديين، فأنهم يزوّرون الحقائق ويقلبونها رأساً على عقب، وهم الذين ينفذون السياسات الامركية بحذافيرها دون ان يكون لهم “حق” الاعتراض او التشاور، ومهما كان ضرر السياسة الاميركية فادحاً في بلدنا.
وقد يوجد في اجوائنا السياسية من يكذب ويزور الحقائق، ولكن الفارق هنا بين من يتجه الاتجاه الصحيح ويشوه نفسه وخطه باخطائه وخطاياه، ولكنه يبقى على الاتجاه الصحيح وبين من يتجه الاتجاه الخاطئ، ولكنه يزين نفسه ببعض الزينة والديكور، كما وصف سيدنا علي الخوارج بقوله: ليس من طلب الحق فأخطأه كمن طلب الباطل فأصابه.
ومن أهم الاكاذيب السياسية ما يسبغه البعض على ما يسمى “ثورة” 17 تشرين 2019 من صفات لا تنطبق عليها بالتأكيد رغم ان كثيرين ممن شاركوا مخلصون وصادقون، ولكن من يسير الامور، ومن يمسك بخيوط اللعبة هم من المرتبطين الذين لا يريدون خيراً للوطن ولا للناس… الخ.
ولقد رأينا بعض يرفع لواء الاصلاح، لا ينتسب الى شيء من الصلاح: مؤسسات سياسية او اعلامية غارقة حتى الاذنين بالفساد، ترفع لواء الاصلاح، وتبرز كل النشاطات المعارضة، فيما انها تمارس كل انواع الفساد ودون خجل او احترام للعقول.
المهم ان يصدق الانسان ويستقيم حتى لو كثر الكاذبون والمنحرفون، فانه في الدنيا يسجل لنفسه انتصارا تاريخيا لا بد ان يذكر، في يوم ما، اما في الآخرة فسيحاسب عن نفسه منفرداً، ولن ينفعه ولن يخفف عنه كثرة المنحرفين.
ورغم تكاثر وتراكم الاكاذيب والدجل، فاننا نتفاءل بان الصادقين والمستقمين سيخترقون هذا المشهد البشع، كما يخترق ابطالنا في الضفة الخزي والهوان والتطبيع والتخلف العربي بعمليات بطولية يومية.
في يوم سابق قال اسحق رابين اتمنى ان استيقظ فأجد أن غزة ابتلعها البحر، اليوم الاعلام الاسرائيلي يقول ان الضفة الغربية اصبحت هاجساً للامن الاسرائيلي، كما كانت غزة قبل الانسحاب عام 2005، وكما اصبحت في المواجهات البطولية المستمرة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ومن مصاديق ما نقوله في هذا الصدد، غرق المهاجرين المتكرر في البحر، وآخرها الزورق الذي غرق في طرطوس، تبكي عليهم، وتبكي منهم، وتبكي معهم على حال البلد والاسباب التي دفعتهم الى هذه المغامرة.
وهنا يصح المثل: (ما متت ما شفت مين مات)؟؟؟، كيف يغامرون بأنفسهم وأبنائهم وعائلاتهم وقد رؤوا ما حدث لمن قبلهم، ونرى هنا ان المسؤولية الاكبر على صاحب الزورق الذي يحمّل زورقه ضعف امكانيته او اكثر، وتتوزع المسؤولية على الجميع . ولا حول ولا قوة الا بالله.

رابط فيديو: خطبة الجمعة: 23-9-2022: https://youtu.be/dE_F8v55t_0