بسم الله الرحمن الرحيم
موقف سياسي أسبوعي: خطبة الجمعة:
بتاريخ 5 شوال 1443هـ الموافق له 29 ايار 2022م
دروس من غزوة أحد
تمر ذكرى غزوة أحد في يومنا هذا، وقد حصلت في العام الثالث من الهجرة، اي بعد انتصار بدر الكبرى المدوي بعام واحد وعدة ايام، ولقد تحول النصر الى هزيمة بعد معصية عدد من الصحابة الكرام، الذين تركوا جبل الرماة قبل ان يتلقوا أمراً بذلك من رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولقد خُلدت هذه الغزوة في سورة آل عمران، ونستنتج من هذه المعركة دروسا هامة نذكر منها:
اولا: على المؤمنين ان يثبتوا على ايمانهم وعقيدتهم في حال النصر كما في حال الهزيمة: (وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (139)) (سورة آل عمران)، ونرى اليوم أهلنا والمرابطين في فلسطين صامدين واثقين من النصر رغم “هزيمة” الامة وتراجعها، ورغم الفواجع التي تحصل كأفتتاح حي يهودي في الخليج، أو تأبين قتلى الصهاينة أو ما الى ذلك.
ثانياً: انكشاف الاعداء والمنافقين أمر ايجابي قبل المعركة الكبرى التي نرجو ان تكون وعد الله، قال تعالى: (لَوْ خَرَجُوا فِيكُمْ مَا زَادُوكُمْ إِلا خَبَالا وَلأَوْضَعُوا خِلالَكُمْ يَبْغُونَكُمُ الْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ (47)) (التوبة)، خير للمقاومة في فلسطين ولبنان أن تقاتل بأهلها وجمهورها وأحبائها بعيداً عن المنافقين والمترددين الذين يمكن ان يسببوا ارباكاً في صف المقاومة.
ثالثاً: (… وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (155)) (آل عمران)، لقد انسحب قبل الغزوة فريقان من المؤمنين، استمعوا الى وساوس المنافق عبد الله بين أبيّ وكاد انسحابهما أن يخل بالتوزان، ولكن الله عفا عنهم وقال : (إذ همت طائفتان منكم أن تفشلا والله وليهما وعلى الله فليتوكل المؤمنون (122)) (آل عمران)، كما قال عن الذين تخلفوا: (… وفيكم سماعون لهم… (47)) (التوبة)، وبالتالي لم تكن هذه الخطايا الفادحة من موقع العداء ولذلك عفا الله عنهم، وكذلك قوله تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ تَوَلَّوْا مِنْكُمْ يَوْمَ الْتَقَى الْجَمْعَانِ إِنَّمَا اسْتَزَلَّهُمُ الشَّيْطَانُ بِبَعْضِ مَا كَسَبُوا وَلَقَدْ عَفَا اللَّهُ عَنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ (155)) (آل عمران).
ونقيس على ذلك ما نحن بصدده، الذين يهاجمون المقاومة اليوم وينتقدونها بقسوة، قد يغفر الله لهم ويتجاوز عن سيئاتهم لانهم فعلوا ذلك، متأثرين بوساوس الشياطين، أما من يفعل ذلك وهو “ينسق” مع الاميركي بل ينفذ الاوامر فأمره يختلف، هؤلاء جعلوا انفسهم في موقع العدو، ونحن لا نستطيع بأي حال من الاحوال ان نقارن التدخل الاميركي السافر وما يدفع من اموال لمصلحة الصهيوني والسياسة الاستكبارية في المنطقة، وبين “النفوذ” الايراني الذي يدعم المقاومة لتحرير لبنان وعزته دون ان يتدخل في التفاصيل والانتخابات والاسماء واللوائح، ثمة فارق كبير بين “النفوذ” الايراني والتدخل الاميركي والسعودي، والمقارنة لا تصح بأي حال من الاحوال سواء من جهة الحجم أو الدور أو الهدف (أَفَنَجْعَلُ الْمُسْلِمِينَ كَالْمُجْرِمِينَ (35) ما لكم كيف تحكمون (36)) (القلم ).
رابعاً: (… قل هو من عند انفسكم..) من دروس أحد أن نفتش عن أخطائنا وخطايانا قبل ان نتهم الآخرين.
خامساً: القاعدة هي: ان ينتصر المؤمنون على الكافرين الا ان تخلفوا او ارتكبوا اخطاء منها، العاصي، التقصير في الاعداد والاستعداد، التنازع والخلاف … الخ (… ولا تنازعوا فتفشلوا … (46)) (سورةاﻷنفال).
سادساً: (… كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله والله مع الصابرين (249)) (آل عمران)، ان اهلنا في فلسطين، من خلال رباطهم في القدس والعمليات الفردية الجريئة وآخرها عملية (العاد) قرب تل ابيب، ومن خلال تهديد المقاومة وآخر ذلك خطاب يحيى السنوار المدوي الذي هز اركان الصهاينة، وبسبب كل ذلك حققنا ونحقق انتصارات متوالية، لقد تم منع ذبح القرابين في قبة الصخرة، ومسيرة الاعلام، وكل تهديدات الصهاينة… الصهاينة اليوم رغم قوتهم والدعم العالمي والعربي، هم في موقع الدفاع وليسوا في موقع الهجوم، ولم يحصل ذلك قبل الآن والحمدلله رب العالمين.
سابعاً: انتصر المؤمنون لاحقاً بعد هزيمتهم في غزوة أحد، وهذا ما بشرت به الآية (ان الذين كفروا ينفقون أموالهم…) (الانفال 36)، وهذا ما سيحصل الآن، ان حجم الانفاق الهائل الذي يحصل لدعم اعداء المقاومة لن يسفر الا عن قوة اضافية للمقاومة باذن الله، وسينكشف اعداء المقاومة ويظهرون على حقيقتهم البشعة في وقت لاحق قريب باذن الله.
رابط فيديو: خطبة الجمعة: 6-5-2022: https://youtu.be/oms1ucG9aEs