بسم الله الرحمن الرحيم
موقف سياسي أسبوعي: خطبة الجمعة:
بتاريخ 10 شوال 1445هـ الموافق له 19 نيسان 2024م
غزوة الاحزاب
ثمة تشابه كبير بين غزوة الاحزاب وملابساتها، وبين الحصار المضروب على غزة، والتآمر الغربي والعربي مع العدو الصهيوني على فلسطين، وان نقاط التشابه تؤكد عظمة القرآن وقول الرسول صلى الله عليه وسلم عن القرآن (لا تنقضي عجائبه):
- وأول التشابه هو تعاون اليهود مع المشركين من قريش وغطفان ونجد للقيام بهذا العدوان الغاشم الذي كان مؤهلاً ان يستأصل المسلمين جميعاً وينهي الدعوة الاسلامية: اليوم اليهود الصهاينة يستفزون العالم كله ليحققوا هدف ابادة الشعب الفلسطيني وخاصة في غزة وابادة المقاومة.. ويتعاون “المشركون” العرب بكل طاقاتهم ليحققوا اهداف بني اسرائيل والاستكبار العالمي.
- والتشابه الثاني هو هذا الخوف الذي قد يعم المؤمنين، ولكن لا يثبط من عزائمهم ودائما توجد فتنة ضعيفة تظن بالله الظنونا، وتتساءل لماذا تأخر النصر؟ لماذا لا ينصرنا الله؟ لماذا لا يستجيب الله الدعاء؟ … ولكن ما عند الله ليس عندنا.
- ولعل التشابه الاكبر هو وجود هذه الفئة المشككة المرجفة التي تعاني من امراض النفس واللؤم، اولئك المنافقون الذين يبخلون بأي عطاء او مساهمة ولو بسيطة، وفي نفس الوقت يشككون في اي عمل يقوم به المجاهدون ، لقد وصف هؤلاء وبأدق الاوصاف فقال تعالى: ۞ قَدْ يَعْلَمُ اللَّهُ الْمُعَوِّقِينَ مِنكُمْ وَالْقَائِلِينَ لِإِخْوَانِهِمْ هَلُمَّ إِلَيْنَا ۖ وَلَا يَأْتُونَ الْبَأْسَ إِلَّا قَلِيلًا (18) أَشِحَّةً عَلَيْكُمْ ۖ فَإِذَا جَاءَ الْخَوْفُ رَأَيْتَهُمْ يَنظُرُونَ إِلَيْكَ تَدُورُ أَعْيُنُهُمْ كَالَّذِي يُغْشَىٰ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ ۖ فَإِذَا ذَهَبَ الْخَوْفُ سَلَقُوكُم بِأَلْسِنَةٍ حِدَادٍ أَشِحَّةً عَلَى الْخَيْرِ ۚ أُولَٰئِكَ لَمْ يُؤْمِنُوا فَأَحْبَطَ اللَّهُ أَعْمَالَهُمْ ۚ وَكَانَ ذَٰلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرًا (19) (الاحزاب).
اليس هذا الذي حصل في الاسبوع الماضي? يقول المنافقون، هلم اليّنا، يقول الغارقون في العمالة والتطبيع تعالوا اليْنا واتركوا المقاومة ومغامراتها و “اخطائها”، تعالوا الى “السلام” الى الحياة الهنيئة والرفاهية، وكل الاكاذيب التي يكررونها، ولكنهم لا يأتون البأس ولا يشاركون بشيء من المقاومة والجهاد ولا بأي شيء يدعم صمود الشعب الذي يعاني اشد المعاناة، وكما انهم في نفس الوقت بخلاء اشحاء لا يشاركون برغيف خبز او جرعة ماء.
واذا قام المجاهدون بعمل هنا او مقاومة هنالك، فان هؤلاء يطرحون اسئلة هدفها التشكيك ومحاولة ازالة الهالة التي اكتسبتها المقاومة بصدقيتها وعزمها الدائم والمستمر.
هؤلاء هم انفسهم الذين قالوا عن الرد الايراني على استهداف القنصلية في دمشق انها مسرحية، فيما العدو نفسه عقد الاجتماعات المتتالية وارتبك ازاء هذا الاستهداف الدقيق والبعيد المدى، كما ان الاميركي اجهد نفسه حتى لا ترد اسرائيل على الضربة الايرانية، خوفاً من الرد على الرد الايراني الذي سيكون مؤذياً جداً ومربكاً حتى للاميركان انفسهم.
والملاحظ ان سورة الاحزاب عشر صفحات، يحدثنا تعالى خلالها فقط من خلال صفحتين ونصف، عن غزوة الاحزاب وبقية السورة عن مواضيع اخرى، صفحتان كاملتان يحدثنا تعالى فيها عن المنافقين والمعوقين والمرجفين ونصف صفحة فقط عن الغزوة وكأن الله تعالى يقول لنا، وجود المنافقين امر ملازم لكل غزوة، ولكل عمل ذي بال، فلا تنشغلوا بأكاذيبهم وترهاتهم طالما ان هؤلاء سيسلطون السنتهم الحادة، ويطلقون الاكاذيب، سواء انتصرتم او هزمتم ، سواء تربصتم وانتظرتم الظروف الملائمة ، او اقدمتم على عمل ما ، دأبهم هو التشكيك واطلاق الاراجيف ولا يقومون بأي عمل له قيمة.
اما المؤمنون فيعلمون ان الله يمتحنهم ويمحتن صبرهم وايمانهم عندما يستعرض العدو قوته، وعندما يحاصرهم بكل قوته ولكن الله قادر على ان يسخر الريح وكافة مخلوقاته ليحقق النصر الموعود.
وهذا ما نتمناه وننتظره في غزة بعد كل التضحيات التي بذلت والصبر الذي ظهر من اهل غزة كما لم يحصل في التاريخ كله.
- اما التشابه الابسط فهو ان الخندق كان فكرة سلمان الفارسي، وفكرة الأنفاق في غزة هي مشورة القائد الشهيد سليماني، على الارجح، وان ايران الفارسية تنفق على المقاومة إنفاقاً سخياً ولا تبخل بالغالي والنفيس لدعم صمودها.
- ونتمنى ان يُتم الله هذا التشابه بنصر مؤزر من عنده، نخلده في يومياتنا كما خُلّد انتصار غزوة الاحزاب في تكبيرات العيد، (وهزم الاحزاب وحده)، وليس ذلك على الله بعزيز.
رابط فيديو: خطبة الجمعة: 19-4-2024: https://youtu.be/AkRpCxXGwaU