بسم الله الرحمن الرحيم
موقف سياسي أسبوعي: خطبة الجمعة:
بتاريخ 24 جمادى الاولى 1445هـ الموافق له 8 كانون الاول 2023م
حرب الاكاذيب
يمكن ان يسمى هذا العدوان على غزة، بحرب الاكاذيب والاضاليل والبهتان، فان كل الحملة الاعلامية التي ترافق هذه الحرب الظالمة غير المسبوقة، تستند على كم كبير من الاكاذيب:
اولا: ان العدد الاكبر من القتلى الاسرائيليين الذين سقطوا في 7 تشرين الاول الماضي، كان بسبب غارات طائرات الاباتشي التي احرقت هذا العدد الكبير من السيارات وسقط خلال ذلك 1400 قتيلا، تبين لاحقاً ان 200 منهم على الاقل من الشهداء الذين كانوا قد شاركوا بالعملية البطولية: الحملة العالمية العارمة بدأت بسبب هذا العدد من “الضحايا” ولم يتغير الموقف عندمات تبين ان الامر خطأ من جيش الكيان الصهيوني وليس من فعل المقاومة، لقد بني هذا الموقف العالمي الكبير على كذبة كبرى.
ثانياً: تلك الكذبة المشهورة التي لم يتراجع عنها (بايدن) شخصياً، بل صدر بيان عن البيت الابيض يوضح ان المعلومات لم تكن صحيحة دون اي اعتذار، عندما تحدث عن ذبح اطفال يهود، وتبين انها لعبة اعلامية قذرة.
ثالثاً: عندما سمعنا مثلاً، رئيسة مفوضية الاتحاد الاوروبي (اورسولا فون دير لاين) تقول: حماس قتلت هؤلاء فقط لانهم يهود، وهي تعلم ان هذا كذب وانهم قتلوا لانهم محتلون وليس لانهم يهود.
رابعاً: الكذبة الكبرى هي حق الدفاع عن النفس، الذي رفعه الغرب كشعار: ولم يسأل احدٌ، كيف يتم الدفاع عن النفس بقتل المدنيين، وقصف البيوت والمستشفيات ومراكز الايواء!.
خامساً: كما اعلن العدو مرات مثلاً عن تحقيق اهداف عسكرية وهمية، كما هاجموا ودمروا مستشفى الشفاء والاندونيسي وشهداء الاقصى وكمال عدوان وغيرها، بحرب بربرية وحشية غير مسبوقة تحت شعار ان هذه المشافي كانت مراكز لقيادة حماس… ولم ولن يستطيعوا اثبات شيء من ذلك.
سادساً: ولا شك ان الكذبة الكبرى هي اصرار الصهيوني على ان يقول ان المقاومين يتحصنون بالاطفال المدنيين، وهذا بهتان واضح .
سابعاً: خرج علينا نتنياهو مؤخراً وهو يتحدث عن اغتصاب للنساء اللواتي كن محتجزات عند المقاومة، فيما رأى العالم كله كيف خرجن بكل راحة واطمئنان.
ثامناً: رغم كل القتل والدمار، يُصور الكيان الصهيوني نفسه انه المعتدى عليه المظلوم الذي يطلب من العالم المتحضر الدعم والاسناد بل الانقاذ.
تاسعاً: هذه الحملة العالمية التي تشن على كل من ينتقد الصهيونية، فانه يتهم بمعاداة السامية، وهذا كذب واضح، فالعرب ساميون، فكيف يعادون انفسهم، كما ان كثيرا من اليهود هم اعداء للصهيونية، فهم ايضاً اعداء انفسهم؟ كذب بواح…الخ.
ولن نستطيع ان نحصي الاكاذيب، فان الكيان الصهيوني كله قد بني على الاكاذيب: ارض الميعاد، شعب الله المختار… الخ، كما انهم كانوا قد مارسوا الكذب عياناً ايام رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونزلت في ذلك آيات كثيرة، ان صهاينة اليوم هم انفسهم، اولئك الذين تآمروا على رسول الله صلى الله عليه وسلم هم يعلمون حقاً انه النبي، هم انفسهم بنفس الصفات ونفس الافكار ونفس السلوك الذي يمارسونه اليوم.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
امتحان عسير:
في القرآن الكريم قصة لها علاقة، والله اعلم، بما نحن فيه، وهي الآية (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِن دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَالَ لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَٰكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ) (البقرة – 243)، ذلك ان النبي حزقيال وهو (ذو الكفل) في القرآن الكريم امتحن قومه بالاستسلام لامر الله عندما اصابهم الطاعون، ولكنهم عصوا اوامره، فأكد لهم بمعجزة ربانية ان الحياة والموت بيد الله وليس بيد احد آخر، وان الحذر لا ينجي من القدر.
اليوم أهل غزة نجحوا بالامتحان واستسلموا لقدر الله تعالى وتقبلوا هذا الموت الزؤام الذي يحصد العائلات، ويدمر الاحياء والقرى الآمنة، بكل صبر ويقين وايمان، فليس ثمة خيار آخر: الهروب الى مصر يحقق اهداف الصهاينة، فضلا عن انه غير ممكن، ليس ثمة طريق الا الصبر والمقاومة.
وبالمناسبة فان حزقيال كان قد حذر بني اسرائيل قبل 20 عاماً من السبي، ان مصيرهم هو السبي الى بابل بسبب ظلمهم وانحرافهم عن شريعة موسى عليه السلام، ولكنهم لم يستجيبوا، فكان السبي البابلي العظيم.
ومما يؤكد ان هذه القصة القرآنية ترتبط بشكل او بآخر بمعركتنا التي نحن فيها، ان الآية التي بعدها تأمرنا بالقتال وكأنها تقول قاتلوا في سبيل الله ولا تسألوا عن الموت وعن عدد الشهداء، فان هذا بيد الله وليس بيد احد آخر، كما ان هذه الآيات تسبق قصة طالوت وجالوت، التي تؤكد ان الله يحقق وعده رغم معاصي البشر وتخلفهم عن ركب الحق … الخ.
رابط فيديو: خطبة الجمعة: 8-12-2023: https://youtu.be/-Q2B47bL1Bw