وقف اطلاق النار؟

بسم الله الرحمن الرحيم

موقف سياسي أسبوعي: خطبة الجمعة:

بتاريخ 30 صفر 1445هـ الموافق له 15 ايلول 2023م

وقف اطلاق النار؟

‏‏ليس انتصاراً، الانتصار ان نوحّد الصف ونوجه البندقية الى العدو الاسرائيلي ، ان نخرج من الانانيات والحزبيات الى الانتماء الوطني والاسلامي العام الذي يجعلنا امة واحدة.

الانتصار في ان يصلح احوال امتنا لا ان ندمر بيوتنا بايدينا، كما وصف الله تعالى بني اسرائيل: (…يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُم بِأَيْدِيهِمْ وَأَيْدِي الْمُؤْمِنِينَ فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ ) (الحشر – 2) كانت اياماً مرة قاسية ليس فقط بالقصف والقنص والتهجير ، بل ايضاً بهذا الحجم من الكذب والدجل الذي شوه الحقائق وابعدنا عن اي هدف وطني له قيمته.

حصلت جريمة ، بل جرائم والدم يستسقي الدم، ولكن العاقل من يضع حداً لهذا النزف المتمادي الذي لايقف، وان معالجة الجريمة بجريمة اكبر ام بجرائم لا يمكن ان يؤدي الى خير.

ثم ان علينا ان نحدد ماذا تعني كلمة الارهاب التي نُحارب بها جميعاً وتُحارب بها مقاومتنا وكل ظاهرة شريفة في تاريخنا الماضي والمعاصر؟.

نعم.. ان من يقتل بغير حق ، ويفجر الناس في الطرقات ويسمح لنفسه بأن يصنّف الناس، بين مؤمن وكافر، ويستحل الدماء والاعراض ،هو ارهابي بالمعنى المتداول، وهل هذا ينطبق على هذه الفترة العصيبة التي مررنا بها؟ تجيب الوقائع بأن الامر ليس كما تم تصويره، ثمة قتل متبادل وثأر جاهلي ينقل من مكان الى مكان، وليس القتل من جهة واحدة، بل ان استهداف المخيم كله بالقذائف والاسلحة المتوسطة والتصويب على جهات ومناطق ليس لها اي دور في هذا القتال جريمة اكبر من اغتيال شخص ومن معه، رغم بشاعة الجريمة والاستهداف كما قال الشاعر:

قـتـل امـرئٍ فـي غابةٍ                 جــريـمـةٌ لا تُـغـتَـفـر

وقـــتـــل شــعــبٍ آمــنٍ               مــسـأَلةٌ فـيـهـا نـظـر

ان الذي يسمح لنفسه ان يشوه الحقائق بل ان يقلبها رأسا على عقب لا يمكن ان يأتي بخير ابداً.

اننا ننصح الاخوة في حركة فتح بمراجعة ما حصل، ووضع حد لجهة او جهات متنفذة تجر الجميع الى الكارثة، ان حركة فتح تستمد شرعيتها من تاريخ عريق ومن انتزاعها لحق تمثيل الشعب الفلسطيني بعد نضالات طويلة، واننا نتعامل مع اوسلو ومفاعيل اوسلو من باب الضرورة الملجئة التي تجعل الحرام حلالاً للضرورة القصوى، اما ان يتم التعامل مع اوسلو، وكأنه مستقبل الشعب الفلسطيني وخارطة طريقه للمستقبل، فهذا امر مرفوض بالجملة.

لقد ارتبطت شرعية الشعب الفلسطيني بالمقاومة بالتصدي للعدو الصهيوني والتبشير بزوال الاحتلال، ولا يمكن بحال من الاحوال ان يكون التنسيق الامني هو الحل وهو المستقبل وهو خيار الشعب الفلسطيني.

‏اننا ننصح اخواننا في حركة فتح من أجل تثبيت وقف إطلاق النار، وأن يصارحوا شعبهم وأن يعلنوا الحقائق وأن يسموا الأسماء بمسمياتها الحقيقية والكف عن تشغيل الفاعل والجهة التي خرقت وقف إطلاق النار خمس مرات متتالية.

‏ان مصارحة الشعب الفلسطيني بل الشعب اللبناني أيضا بالحقيقة، من شأنه أن يثبت وقف إطلاق النار، اما أن يغلق الجرح على زغل، فمعنى ذلك أن الجرح سيتقرح وسينفجر لاحقا.

‏نكرر جريمة قتل العرموشي ومن معه ليست أمرا بسيطا، ولكن تهجير أهل المخيم، بالآلاف، واستهداف المناطق الآمنة وفتح معارك في حي حطين وصفوري وغيرهما، كل ذلك جعل جريمة العرموشي واحدة من جرائم متعددة ومتكررة وليست الجريمة الوحيدة.

‏ونحن مع تسليم المتهمين، ولكن اتركوا مكاناً للتفاوض وللحوار، لماذا في فلسطين سلمية سلمية وهنا حربية حربية؟ لماذا نسكت عن شيرين أبو عاقلة ونكتفي بشكوى إلى مجلس الأمن لا تسمن ولا تغني من جوع؟ لماذا نسكت عن اعتقال مروان البرغوثي بطل فتح الذي يحترمه الجميع وعن اعتقال المجاهدين، بل ونساهم في اعتقال المجاهدين الأبطال في جنين وغيرها، وهنا نعتبر ان كرامة الشعب الفلسطيني باعتقال المتهمين.

كما نتوجه الى الشباب المسلم بكل وضوح، ثبتوّا توبتكم عن الافكار الداعشية وما يماثلها  واكدوا للجميع انكم خرجتم من تلك الافكار وذلك االسلوك الذي هو مروق من الدين الى رحابة الاسلام والانتماء الى امة الاسلام بكل ما فيها …، ان ما ينسب اليكم من انتماء سابق، يتخذ ذريعة بشعة لضرب اهل المخيم جميعاً، بل لضرب القضية الفسطينية.

‏كما نتوجه إلى الاخ عزام الأحمد ونقول له أنت نقلت اليّ ما قاله أبو عمار عام 2003 في حقي، إذ كان يستمع إلى اخبار مخيم عين الحلوة وكان قلقاً، ثم ما لبث أن استمع إلى أن الشيخ ماهر حمود دخل إلى المخيم فقال هذا رجل طيب سيحلها واطمأن ولم يعد يستمع إلى الأخبار.

‏الآن تزايدون علينا ونحن قاتلنا مع أبو عمار في طرابلس عام 1983 والتقيناه مرات ومرات، ناصحين ومؤيدين للقضية، اما الآن وقد اصبح التنسيق الأمني هو الأبرز فالأمر يختلف وسنبقى ناصحين ندل على الخير، ولا يهمنا من حرض ومن بغض، مرددين قول رابعه العدوية:

فَلَيتَكَ تَحلو وَالحَياةُ مَريرَةٌ                        وَلَيتَكَ تَرضى وَالأَنامُ غِضابُ

وَلَيتَ الَّذي بَيني وَبَينَكَ عامِرٌ                      وَبَيني وَبَينَ العالَمينَ خَرابُ

إِذا نِلتُ مِنكَ الوُدَّ فَالكُلُّ هَيِّنٌ                 وَكُلُّ الَّذي فَوقَ التُرابِ تُرابِ

قضية فلسيطين بالنسبة الينا اكبر من المسميات كلها، اكبر من فتح وحماس والجهاد والشعبية وكل الفصائل، قضية فلسطين ترتبط بالقرآن الكريم بالحديث النبوي وبكل مقدساتنا، ليست قضية شعب او حقوق ودولة او دولتين ، بل قضية وعد الهي نسير على طريقه ونلتزم به حتى يأتي وعد الله.

رابط فيديو: خطبة الجمعة: 15-9-2023: https://youtu.be/IUKkXT2iWF0