هل نحن أمة القرآن؟

   بسم الله الرحمن الرحيم

موقف سياسي أسبوعي: خطبة الجمعة:

بتاريخ 3 محرم 1445هـ الموافق له 21 تموز 2023م

هل نحن أمة القرآن؟

(لَقَدْ أَنزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ ۖ أَفَلَا تَعْقِلُونَ) (الانبياء – 10)، لقد كانت هذه الآية وحدها جديرة بأن ترفع الامة الى المستوى الذي هي مؤهلة له، لان هذه الآية تعني ان الله جعل وجودكم ورفعتكم وشهرتكم بهذا القرآن الكريم، (اي وجود الامة ورفعتها)، يتحدثون مثلا عن الامة العربية، وهل ثمة وجود لهذه الامة دون القرآن الكريم؟ لقد نزل القرآن الكريم بلغة قريش، وسمح للعرب بأن يقرأوه بلغاتهم، نعم، نقول (لغات) العرب، فقد كان الفارق بين اللهجات العربية كبيرا بحيث كانت اشبه بلغات متعددة، ثم تم توحيد العرب على لغة قريش ثم انتشر الاسلام في مشارق الارض ومغاربها وانتشرت معه اللغة العربية، فكانت الامة العربية… وكذلك فان علماء الدين وحفظة القرآن الكريم والمجوّدين من غير العرب، من اندونيسيا الى نيجيريا، هم اكثر عدداً من علماء الدين والحفظة الناطقين باللغة العربية، حتى لا يزعم احدٌ ان نزول القرآن الكريم باللغة العربية كان عائقاً أمام دخول غير العرب في الاسلام.

لولا القرآن الكريم لما خرجت اللغة العربية الى خارج الجزيرة، ولو انها خرجت لتحولت الى لغات كما اللغات المتعددة في اوروبا، اصلها لغة لاتينية واحدة، ولكنها تحولت الى لغات، القرآن الكريم هو الذي ابقى هذه اللغة واوجد الامة العربية والاسلامية، وعندما نتحدث عن لغة، نتحدث عن ثقافة، عن حضارة مقومات شعوب وليس فقط لسان نتحدث به.

الذي نراه حتى الآن يلخص في سؤالين:

السؤال الاول: لماذا هذا الارباك العربي والاسلامي امام هذا التحدي السافر الذي قامت به السويد للمرة الثانية بكل وقاحة؟ فباستثناء العراق نعتبر المواقف ضعيفة بما فيها موقف ايران وموقف السعودية، وكلاهما يحتل موقعاً متقدماً في تمثيل الحالة الاسلامية، مع اختلافات في المفاهيم والاجتهادات، لقد كان الموقف الايراني واضحاً، مثلاً، لدى نشر كتاب آيات شيطانية للمجرم سلمان رشدي، صدرت فتوى الامام الخميني بقتله، وانتهى الموضوع، كموقف، اما الآن، فاننا لا نكتفي ببيانات استنكار وتهويد رسائل الى الامم المتحدة والمنظمات الدولية، ينبغي قطع العلاقات مع السويد دون اي تردد، هذا في الحد الادنى، وكذلك الموقف السعودي، منذ سنوات، على سبيل المثال، تطاولت مسؤولة كندية على بعض مظاهر الحياة الاجتماعية السعودية، فقامت الدنيا ولم تقعد، وتم تهديد كندا بقطع العلاقات وسحب الطلاب الذين يدرسون في كندا بمنح دراسية سعودية… الخ، لماذا يكون الموقف السعودي ازاء هذا الاعتداء المكرر اقل من الموقف اتجاه كندا ازاء تلك القضية الهامشية؟.

ان الموقف الشعبي معقول ومقبول، ولكن الموقف الرسمي العربي والاسلامي اقل مما هو مطلوب، ومن جهة اخرى نحن لسنا خائفين على القرآن الكريم، وانتشاره وحفظه ونشر احكامه، فالله تكفل بحفظه ونشره، ولكننا خائفون على الضعفاء في هذه الامة، وعلى هذه الامة التي يهددها تعالى بقوله: (… وَإِن تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُم) (محمد – 38).

لقد قطعت الامة في العقود الاخيرة مراحل عظيمة في نشر القرآن الكريم طباعة وتفسيرا وترجمة للمعاني الى كافة لغات العالم دون استثناء، ودون ان ننسى وجود محطات فضائية تبث القرآن الكريم على دوار الساعة دون توقف، فضلاً عمّا اصبح موجوداً في الهواتف المحمولة، نسمع ونقرأ ونفسر القرآن من خلال كافة المقرئين وكل التفاسير دون استثناء، فضلاً عن تخريج آلاف الحفاظ من غزة الى اندونيسيا الى كل مكان، ان هذا الامر يجعلنا نؤكد ان لا شيء يقف امام انتشار القرآن الكريم كثقافة وهوية، ولكن هذا لا يعني على الاطلاق التساهل في مواجهة العابثين والمعتدين.

السؤال الثاني: ما الذي تريده السويد؟ لقد بحثنا وسألنا وتساءلنا، ما هو الهدف من هذا العمل الاخرق؟ والذي تعتبر نسبة الغباء فيه اكثر من نسبة اي شيء آخر، اننا لا نرى حتى الآن الا تفسيراً واحداً، وهو سيطرة اليمين المتطرف الصهيوني على القرارات الاوروبية، بحيث يُحظر حرق علم المثليين الشواذ، ويعتبر حرق العلم الاسرائيلي امراً معادياً للصهيونية، فيما يُسمح بحرق واهانة القرآن مرتين، وهذه ليست ثقافة مسيحية بالتأكيد، وليس حياداً سياسياً واوروبياً وليست من طبيعة البلاد الاسكندافية، وبالتأكيد ليست حرية رأي، اذن ماذا هي؟ لا بد انه اختراق صهيوني للقرار الاوروبي، ونخشى من الاعظم… ولا بد ان تكشف حقيقة هذا الامر ولو بعد حين.

رابط فيديو: خطبة الجمعة: 21-7-2023: https://youtu.be/t_sPPmW-PFE