بسم الله الرحمن الرحيم
موقف سياسي أسبوعي: خطبة الجمعة:
بتاريخ 21 ذو القعدة 1444هـ الموافق له 9 حزيران 2023م
تحية الى اهالي كفرشوبا
وقفة المواطن البطل (اسماعيل ناصر) ثم وقفة الاهالي معه، تستحق منا التحية والتقدير والاحترام، وتؤكد ان ثقافة المقاومة والمواجهة عميقة في نفوس المواطنين جميعاً وتشمل جميع اللبنانيين.
كذلك بطولة (محمد صلاح) في العوجة في جنوبي فلسطين وعمليته الجريئة، التي تدل ايضاً على ان روح المقاومة منتشرة في عامة الشعب المصري، الذي رحب بهذه العملية، وغنّى لها وله، وأكد ترحيبه بها، نعم السلطات المصرية استجابت لطلب الصهاينة وتم تشييعه سراً، وتم ما يشبه الاعتقال لعائلته … الخ، ولكن هذه الاجراءات لن تشوه صورة الشعب المصري وسائر الشعوب العربية التي لا تشبه الملوك والرؤساء والحكومات … الخ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــ
الضعف والقوة:
لقد اثبتت من جديد هاتان الحادثتان البطوليتان ان الانسان يضعف بقرار ويصبح قوياً بقرار ، وكذلك الشيطان، عندما نقرأ مثلاً يُرِيدُ اللَّهُ أَن يُخَفِّفَ عَنكُمْ ۚ وَخُلِقَ الْإِنسَانُ ضَعِيفًا) (النساء – 28) ، ثم نقرأ ان الانسان خليفة الله في الارض ، اليه اوكلت مهمة عمارة الارض … الخ.
وعندما نقرأ ان الشيطان قال لربه (… قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَٰذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ لَئِنْ أَخَّرْتَنِ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ لَأَحْتَنِكَنَّ ذُرِّيَّتَهُ إِلَّا قَلِيلً) (الاسراء – 62)، اي ان يجر ابن آدم من حنكه كما تجر الحيوانات وغير ذلك ثم نقرأ (… فَقَاتِلُوا أَوْلِيَاءَ الشَّيْطَانِ ۖ إِنَّ كَيْدَ الشَّيْطَانِ كَانَ ضَعِيفًا) (النساء – 76)، هل يدفعنا ذلك الى الشعور بالتناقض؟ لا سمح الله ، الجواب ابدا، انما يصبح الانسان ضعيفا عندما يستسلم لاهوائه وشهواته وانانيته واطماعه، وبذلك يصبح للشيطان سلطانا نافذا عليه، ويصبح قوياً، وعندما يتخذ الانسان قرارا بالمواجهة يصبح قوياً، ويصبح الشيطان ضعيفاً، ويفسر ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم “واستعن بالله ولا تعجز”، يعني ينسب صلى الله عليه وسلم العجز الى الانسان، الانسان يعجز بقرار ويصبح قويا بقرار.
وبذلك ندعو الجميع الى ان يصبحوا اقوياء، يعني ان يتخذوا هذا القرار، فتصبح الامة قوية بأفرادها الاقوياء، ولا يحق لنا ان نضعف اذا كثر الضعفاء، علينا ان نملك قرار التميّز عن الاكثرية، ان ضعفت واستسلمت، لقد كان كافة الامراء ايام صلاح الدين ، على سبيل المثال، متعاملين مع المحتل الصليبي، كل واحد منهم اختار جهة من الفرنجة تحميه وتقويه على منافسيه، ان هذا الوضع الشاذ لم يجعل صلاح الدين مثلا يستسلم ويصبح مثلهم، ولكنه عقد العزم وحارب العملاء، ووحد البلاد ثم حارب الصليبيين وكانت حطين … الخ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وقاحة جاوزت الحد:
ان استنكار جهات لبنانية متعددة لمنع دخول الكويتية (فجر السعيد) وقاحة تجاوزت الحدود، وهي تدعو الى التطبيع بشكل واضح وتتفاخر بأنها على علاقة بالصهاينة، الدفاع عنها يعني الدعوة الى التطبيع المجرم.
وهذا يدعونا الى التفكير من جديد بأزمة الشراكة الوطنية، حيث نقول بكل ثقة اننا ملتزمون ادبيا ووطنيا ان نحترم شعور شريكنا في الوطن ومخاوفه المتعلقة بالعدد والشعور بالتناقض العددي …الخ.
نعم، لقد اتخذ قرار دولي، ابان الحرب العالمية الاولى، بأن يكون لبنان موئلا لكافة المسيحيين في الشرق، فتم تجنيس كافة المسيحيين القادمين من العراق وسوريا وفلسطين وكافة المشرق، ولا بأس بذلك، واصبح لبنان امانة وضعت في يد المسيحيين، وفي يد الموارنة بشكل خاص، فهل رعوها حق رعايتها؟.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
الزعامة المسيحية؟:
ان احترامنا لمشاعر المسيحيين واجب وطني، ولكن لا يمكن ان يدفعنا هذا الاحترام للسكوت عن التعامل مع اسرائيل، واعتبارها صديقاً أو حامياً، خاصة بعدما اثبتت التجربة انها ليست كذلك على الاطلاق، بل هي عدو حقيقي للمسيحيين اكثر مما هي عدوة للمسلمين.
ولكن الوضع شاذ، ولن يكون مقبولاً، ان يبقى، بشير الجميل، رغم علاقته الواضحة مع اسرائيل ومشاركته الفاعلة في الاجتياح، ورغم المجازر التي ارتكبها بحق المسيحيين بمجزرتي اهدن والصفرا وغيرهما، ورغم الاخفاقات، ان يبقى نموذجاً اعلى للزعامة المسيحي ، ففي الامر مشكلة حقيقية.
كذلك ان يكون سمير جعجع بتاريخه المثقل بالمجازر والعمالة والفشل المتراكم، رئيس اكبر كتلة نيابية مسيحية، فالامر يطرح مشكلة مستمرة، ليس فقط مع الزعامة المسيحية بل مع الجمهور الذي يؤكد هذه الزعامة.
نعم، في صفنا اخطاء كبيرة وخطايا وانحرافات، يتم الاستناد اليها ليزداد الانعزال المسيحي او الماروني… ولكن نظرة عميقة للامور تبين ان اخطاء ساحتنا في التكتيك والمراحل القصيرة، واخطاء الزعامة المسيحية في العمق وفي الاستراتيجية البعيدة.
كيف الخروج من هذه الازمة التي تزداد عمقاً مع التحدي المتمادي المتمثل برفض فرنجية لصالح مرشح كان جزءاً من الطبقة السياسية، فقط نكاية وحقداً وانانية، فضلاً عن الخلل في الموازين كما ذكرنا… وينطبق هنا قول الشاعر: يرضى القتيل وليس يرضى القاتل.
كيف الخروج من هذه الازمة المستحكمة؟ واجبنا ان ننقذ شركاءنا في الوطن من زعاماتهم، وواجبنا ان ننقذهم من أوهامهم، وواجبنا ان نأخذ بيدهم الى حيث المصلحة الحقيقية لهم وللوطن… كيف ذلك؟ الله اعلم…
لا بد من فرج قريب… وللبحث صلة..
رابط فيديو: خطبة الجمعة: 9-6-2023: https://youtu.be/yittvjcGamc