بسم الله الرحمن الرحيم
موقف سياسي أسبوعي: خطبة الجمعة:
بتاريخ 7 شعبان 1442هـ الموافق له 9 نيسان 2021م
رسالة الاسلام
قبيل شهر الصيام المبارك، الرئيسي والهام جدا في حياة المسلمين، وهو احد اركان الاسلام الخمسة، وبشكل عام ان نسبة التزام المسلمين بالصيام ليست قليلة، وهذا يظهر بشكل واضح من ارتباط كثير من مظاهر الحياة بشهر الصيام مثل البرامج التلفزيونية وزحام السير قبل الافطار وامور كثيرة .
ولكن الاسلام لم يأت فقط لتعليمنا العبادة بعد التوحيد، بل ايضا ليصنع من المسلمين امة تشهد على الامم الاخرى بالحق وتبين الصحيح من الخطأ في عقيدة الشعوب وسلوك المجتمعات… ولتقف امة الاسلام في وجه الطواغيت، الحكام الظالمة، الذين يسلبون الناس ارادتهم وأموالهم وينحرفون بهم عن طريق الحق … الخ.
هذا الجزء من رسالة الاسلام معطلٌ تماما، فأمة الاسلام خاضعة بشكل عام للطواغيت، مسلوبة الارادة، بل مسيّرة من قبل المؤامرة الاميركية والصهيونية تنفذ المخططات الغربية الاستكبارية بارادتها او رغما عنها، سيان، وهكذا فان مصر اليوم، مثلا، تنعم بشيء من الامن والازدهار لأنها خاضعة تماما للمخططات الصهيو – اميركية، فهي تحاصر غزة وتعطي النفط والغاز لإسرائيل وتمنع اي شكل من اشكال الالتزام بقضايا الامة وعلى رأسها قضية فلسطين ووحدة الامة، نعم يحققون انجازات مهمة بالمنظور الثقافي كموكب نقل المومياءات ، ولا شيء آخر … الخ، فيما سوريا، من جهة اخرى، محاصرة بقانون جائر اسمه قانون قيصر، ويكاد كثير من الشعب السوري يموت جوعا لماذا؟ باختصار لان سوريا تدعم المقاومة وتمانع في وجه المخططات المذكورة، وكذلك لبنان لأنه انتصر على اسرائيل، لأنه رمزٌ متقدم للمقاومة وما تعنيه في تاريخنا المعاصر، ومن هنا علينا ان نتوجه الى فخامة الرئيس والى كل من يتحدث عن التدقيق الجنائي ويصوره وكأنه خلاص للبنان من المؤامرة كلها، وعودة للاستقرار النقدي والاجتماعي … الخ، نقول:
التدقيق الجنائي:
ان ما يجعلنا نشكك بالتدقيق الجنائي امور كثيرة:
اولا: لا يمكن لفخامة الرئيس حتى لو حصل على الثلث المعطل ان ينفذ التدقيق الجنائي بصلاحيات الرئيس، ما بعد الطائف، ان كانت القوى الاخرى ترفض ذلك او لا تتماشى معه، كما يقول فخامته.
ثانيا: عليه ان يكون مقنعا، فقبل ان يقنع الرأي العام بان التدقيق الجنائي سينقذ لبنان عليه مثلاً ان يقدم كشفاً بملف الكهرباء الذي امسكه تياره اكثر من عشر سنين، لان الاصلاح يبدأ بالنفس اولاً.
ثالثا: من يريد الاصلاح لا يمكن ان يضرب واحدة من اهم المؤسسات العميقة للدولة، وهي مجلس الخدمة المدنية، أو أن يعطل التشكيلات القضائية دون تقديم بديل مقنع قابل للتنفيذ، وان يتعامل مع كثير من القضايا من منظور طائفي ضيق، يخالف ابسط مبادئ العدالة كما يخالف اتفاق الطائف، باختصار ان الذهنية الحاكمة لا تقدم ما هو مقنع لتنفيذ اصلاحات حقيقية.
رابعا: وهو الأهم: هل فعلا ان سبب ما نحن فيه من مآس هو الفساد؟ نعم الفساد مستشر ويكاد ان يكون الجميع متورطا فيه، ولكننا نؤكد ان سبب ازماتنا ليس الفساد، وقد يشكل الفساد عشرة او عشرين او ثلاثين بالمئة، والله اعلم، من الازمة الاقتصادية التي نحن فيها.
اما السبب الرئيسي لما نحن فيه فهو المؤامرة الصهيو – اميركية التي ينفذها عرب اميركا على لبنان، ولقد قلنا مراراً ان على السياسيين ان يصارحوا الرأي العام بهذه الحقيقة: فعلى الطبيب، مثلا، عندما يكتشف مرضاً عضالاً عند مريضه، ان يصارحه او ان يصارح اهله، لا ان يكتفي بإعطائه المسكنات والمهدئات… ان التدقيق الجنائي، ان حصل بما يشبه المعجزة، وان الاموال المهربة والمنهوبة، لو اعيدت، وان الحكومة لو ألفت بأي شكل من الاشكال، فلن يستطيع كل ذلك ان يصحح الاقتصاد اللبناني وان يخرجنا من الازمة، والذي يخرجنا من الازمة هو هزيمة هذا المخطط الجهنمي الذي ينفذه مع المتآمرين بعض اللبنانيين، ونحن على يقين بأن هذا المخطط سيهزم ولو بعد حين.
لقد هزمت المخططات الاميركية في لبنان والمنطقة مرات عدة، وليس بعيدا ان يهزم هذا المخطط الجديد، لأننا اصحاب حق في وجه باطل متراكم، ولا بد من توحيد الصف وتوضيح الرؤية لتحقيق ذلك.
ومن هنا حتى يأتي ذلك الوقت نرى ان كل معالجة خارج هذا السياق تشبه عمليات التجميل لمصاب بمرض عضال … تحسن الشكل ولا تلامس المضمون.
ازمات مفتعلة:
وعندما نتحدث عن ان محور المقاومة يستطيع ايقاع الهزيمة بالمؤامرة الاميركية تبرز الدعوات المذهبية البغيضة، والجواب واضح ان الادلة الشرعية التي تستند عليها المقاومة لتقاوم ولتمارس سياستها المعروفة ضد المشروع الصهيو – اميركي، هي ادلة يُجمع عليها المسلمون جميعا، فلا مكان فيها للخلاف المذهبي.
ثانيا: ان الخلاف المذهبي موجود منذ قرون طويلة، فهل اصبحت الظروف مناسبة لإيجاد الحلول التاريخية، في هذه الاحوال المعقدة؟ ندعو لتأجيل هذا الخلاف وان نتعاون فيما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بضعاً فيما اختلفنا فيه.
ثالثا: وليتذكر اصحاب الشعارات المذهبية البغيضة ان اهم ما يوسوس به الشيطان هو “وان تقولوا على الله ما لا تعلمون”، انكم تدّعون بالدين علماً وفهماً، والواقع انكم تقولون على الله ما تعلمون وتزورون حقائق الدين لصالح مأربكم وأهوائكم.
رابط فيديو: خطبة الجمعة: https://youtu.be/vtT67AE2FvM