بسم الله الرحمن الرحيم
موقف سياسي أسبوعي: خطبة الجمعة:
بتاريخ 20 محرم 1446هـ الموافق له 26 تموز 2024م
نتنياهو الكذاب – ما بعد يزيد
فلنتأمل هاتين الآيتين : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنفُسَهُم ۚ بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَن يَشَاءُ وَلَا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا (49) انظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ ۖ وَكَفَىٰ بِهِ إِثْمًا مُّبِينًا (50)) (النساء).
كيف تنطبق على نتنياهو وخطابه في الكونغرس ، لقد امتدح نفسه وجيشه ودولته، وبالغ في ذلك بأكاذيب لم يسبق لها مثيل، وهذا الحشد الكبير من النواب والشيوخ، يصفقون له وقوفا وتكرارا، في مهزلة تدين أمريكا وديمقراطيتها الكاذبة، بل تدين المجتمع الغربي كله، لقد قاطع ثمانون نائبا وشيخا من الديمقراطيين هذه المهزلة، كما تظاهر الكثيرون في الخارج تظاهرات تستحق التنويه والاحترام، ولكن لا تزال الكثرة هي صاحبة قرار الدعم اللامتناهي للكيان الصهيوني.
كما أثبتت الأحداث الأخيرة مرة أخرى أن هذا الكيان مصطنع، فلولا هذا الدعم الخارجي لما كان ثمة كيان، الآن ثمانية دول استنفرت بشكل كامل للتصدي للمسيرات اليمنية التي أصابت تل أبيب من هذا البعد، وبالتالي هذا يثبت من جديد قوله تعالى:
(ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُوا إِلَّا بِحَبْلٍ مِّنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِّنَ اللَّهِ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ ۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانُوا يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنبِيَاءَ بِغَيْرِ حَقٍّ ۚ ذَٰلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ (112)) (آل عمران).، حبل الناس هذا هو الذي يمد الصهيوني باسباب الحياة.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ما بعد يزيد:
لقد طبعت عاشوراء التاريخ الإسلامي كله وخاصة ما بين 61 هـ و 99 هـ، أي أن الأحداث المتلاحقة التي تلت مجزرة كربلاء كانت تستند إلى هذا الحدث الأليم، فقامت ثورات وانتفاضات كثيرة، قامت ثورة التوابين وثورة المختار بن أبي عبيد الثقفي وانتفاضة عبد الله بن الزبير، وثورات كثيرة هدفها الانتقام للحسين رضي الله عنه وبالفعل لقد قتل كل من شارك في قتل الحسين، ولم يطل العمر بأحد منهم، تقلبت الأمور، ولعل هذا الحوار الذي دار بين عبد الملك بن مروان في قصر الكوفة وبعض معاونيه، حيث قال له: رأيت رأس الحسين بن علي في طست بين يدي عبيد الله بن زياد، ثم رأيت رأس عبيد الله بن زياد بين يدي المختار بن أبي عبيد الثقفي، ثم رأيت رأس المختار بين يدي مصعب ابن الزبير، ثم رأيت رأس مصعب بين يدي عبد الملك بن مروان… وكان ذلك فقط خلال اثنتي عشرة سنة .
هكذا تقلبت الأيام حتى جاء عمر بن عبد العزيز فطوى خلال سنتين وخمسة أشهر هذه الصفحات السوداء من تاريخنا، وكأنه مسحها جميعها بعدله واستقامته ونزاهته وزهده، فإذا به يعيد الاموال والأراضي المغصوبة إلى أصحابها ويلغي مظاهر الأبهة والفخامة في المواكب والقصور، ويكتفي بغرفة واحدة لحياته وغرفة لاستقبالاته … الخ.
لقد صلح أمر الحاكم فصلح أمر الناس، كان الرجل قبل عمر بن عبد العزيز إذا التقى صاحبه يسأله، كم أرضاً اشتريت؟ كم عبداً اقتنيت؟ كم قصرا عمرت؟ فأصبح بعد عمر يسأل أحدهم الآخر، كم ركعة صليت؟ كم ليلة قمت ؟ كم عبدا اعتقت؟…الخ.
في هذه الفترة القصيرة أصبحت الزكاة توضع على أبواب المساجد فلا يأخذها أحد، فلم يعد ثمة فقراء وليس للغني أن يأخذ من مال الزكاة، فكان عمر يقول زوجوا الشباب وأطلقوا العبيد وذروا القمح في الجبال حتى تأكل الطير …الخ، سنتان وخمسة أشهر ولكنها كانت كافية لمسح سواد السنوات السابقة، ليؤكد هذا الأمر حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله يبعث على رأس كل مائة عام لهذه الأمة من يجدد لها دينها.
أثبت عمر بن عبد العزيز أن الأمة تختزن خيرا كثيرا يظهر من وقت إلى آخر، كما يظهر الخير في محور المقاومة اليوم في مواجهة التخلف والخيانة والردة العربية والإسلامية العالمية، وكان أفضل ما فعله عمر بن عبد العزيز إلغاء شتم ولعن سيدنا علي وآل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن المنابر واستبدالها بقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَىٰ وَيَنْهَىٰ عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ ۚ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ (90)) (النحل)، ولا تزال سنته حية الى اليوم، يرددها الخطباء في كل انحاء العالم الاسلامي، سيغلب الخير الشر في امتنا كما وعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، قريبا باذن الله.
رابط فيديو: خطبة الجمعة: 26-7-2024: https://youtu.be/6NajWtJVX8s