يزيد في القرآن…

    بسم الله الرحمن الرحيم

موقف سياسي أسبوعي: خطبة الجمعة:

بتاريخ 13 محرم 1446هـ الموافق له 19 تموز 2024م

يزيد في القرآن…

‏‏لست أنا الذي أقول هذا، بل الإمام أحمد بن حنبل الذي قال: لقد استحق يزيد اللعنة في موضعين من كتاب الله، وموضع من السنة النبوية، أما القرآن الكريم فيقول:

‏(فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِن تَوَلَّيْتُمْ أَن تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ (22) أُولَٰئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَىٰ أَبْصَارَهُمْ (23)) (محمد).

‏فيزيد أفسد في الأرض، والكلام للإمام ابن حنبل، وفساده واضح، وأما قطع الارحام، فإن جد بني هاشم وبني أمية واحد: صخر (وهو ابو سفيان) ابن حرب ابن أمية ابن عبد شمس ابن عبد مناف، ومحمد صلى الله عليه وسلم ابن عبدالله بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، فعندما قتل يزيد من آل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وسبا نساءهم وجال بهم في الاقطار، فقد قطع رحمه إضافة إلى فساده الواضح، وأما في السنة النبوية فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (من أخاف أهل المدينة فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه صرفاً ولا عدلاً) رُوِيَ بألفاظ متعددة وفي مصادر متعددة من مصادر الحديث الشريف.

‏ويزيد لم يُخف أهل المدينة، بل قتلهم شر قتلة، وأفسد في المدينة ما لم يفعله أحد في التاريخ، وتعامل مع أهل المدينة، (وهي مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم)، وكأنها مدينة مشركين او كفار.

‏قتل جيش يزيد في المدينة حوالي السبعمائة من الصحابة وأبنائهم وأحفادهم، وحوالي عشرة آلاف من سائر الناس، كما تقول المصادر التاريخية، وفض الف فتاة بكر وحملت مئات سفاحا، ومن أراد أن ينجو بنفسه كان يؤمر بأن يبايع يزيداً كأنه عبد عنده، (خوَلَ) يملكه كما يملك العبد …الخ.

مع ان الامام ابن حنبل يقر باستحقاق يزيد للعن، لكنه يؤكد الموقف الشرعي ان الافضل الا يلعن احد بعينه، والافضل ان نقول، لعنة الله على الظالمين والفاسقين والمجرمين… الخ.

‏لقد أجمع علماء الدين على فسق يزيد، وزاد أكثر العلماء على ذلك واعتبروه كافراً مرتداً، واستدلوا على ذلك باستشهاده بأبيات ابن الزِبَعْريِ، شاعر قريش الكافر، الذي كان يهجو رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين، ويواجهه حسان بن ثابت، شاعر الرسول صلى الله عليه وسلم، حتى فر من مكة بعد الفتح، فأرسل إليه حسان أبياتاً جعلته يعود إلى مكة ويشهر إسلامه… الخ.

‏ هذه الأبيات كان يزيد يحفظها وأدخل فيها اسمه، مما جعل الإمام الطبري يقول أي مروق أكثر من هذا المروق؟؟؟.

ليت اشياخي ببدرٍ شهدوا جزع الخزرج من وقع الاسل

لأهلّوا واستهلـّـوا فرحـــاً ثــم قالــوا يا يزيــد لا تشــل

قد قتلنا القَرْم من ساداتهم وعدلنــــــا ميل بـدرٍ فاعتـــدل

لست من خندف ان لم انتقم مـن بني احمد ما كان فعل

قــد اخذنا مـن علـي ثارنا وقتلنا الفارس الليث البطل 

لعبــت هاشــم بالملك فلا خبرٌ جــاء ولا وحيٌ نـــــزل

هذه الابيات تدل على كفره وليس فقط على فسقه وابيات اخرى ايضاً لن نذكرها هنا…

علماؤنا بشكل عام يفضلون طيّ هذه الصفحات السوداء، ويتمثلون بقوله تعالى :

(تِلْكَ أُمَّةٌ قَدْ خَلَتْ ۖ لَهَا مَا كَسَبَتْ وَلَكُم مَّا كَسَبْتُمْ ۖ وَلَا تُسْأَلُونَ عَمَّا كَانُوا يَعْمَلُونَ (141)) (البقرة).. ويقولون تلك فتنة خلُصت منها ايديكم فلتخلص منها السنتكم…الخ، ولكن الواقع يقول شيئاً آخر، فالموضوع مطروح في مجتمعنا، ولعل البعض ان سمع ادانة يزيد، او حتى معاوية، قد نسمع من يقول عن جهل او تجاهل ان هؤلاء يشتمون السنة، فيزيد الامر من الفتنة المذهبية، من اجل هذا يجب توضيح موقف علماء السنة وائمتهم من يزيد وما يرتبط به من مجازر وفساد وانحراف … الخ.

اننا نؤكد مرة بعد مرة، ان الذي يمثل “السنة” في التاريخ هم العلماء والدعاة وليس الحكام، لقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (ان القرآن والسلطان سيفترقان فدوروا مع القرآن حيث دار).

كان الحاكم ابان الخلافة الراشدة يمثل الاسلام، ثم اصبح العلماء العاملون اصحاب المواقف الواضحة هم الذين يمثلون الاسلام وليس الحكام، ونادراً ما رأينا عالماً له قيمته وتأثيره له صلة وثيقة بالحكام، بل الذي رأيناه صدام دائم ومواجهات تصل الى القتل والحبس او الابعاد، وان يزيداً لا يمثلنا على الاطلاق، بل هو مدان بكل المقاييس الشرعية والمدنية.

ان من يسمع هذا الجزء من التاريخ يظن ان كل التاريخ: سفك دماء واجرام، والواقع ان التاريخ لا يذكر ان المجتمع بخير تبني المساجد ويخرّج حفظة القرآن ويدخل الناس في دين الله افواجاً، هذه ليست اخباراً بالنسبة للمؤرخين، التاريخ هو المعارك والقتل والتنافس على الملك … الخ.

رابط فيديو: خطبة الجمعة: 19-7-2024: https://youtu.be/bPIOfPc7SH0