المال يساوي الفساد

    بسم الله الرحمن الرحيم

موقف سياسي أسبوعي:خطبة الجمعة

بتاريخ 23 ذو القعدة 1445هـ الموافق له 31 ايار 2024م

المال يساوي الفساد

‏نقف ملياً أمام قوله تعالى ( وَلَوْ بَسَطَ اللَّهُ الرِّزْقَ لِعِبَادِهِ لَبَغَوْا فِي الْأَرْضِ وَلَٰكِن يُنَزِّلُ بِقَدَرٍ مَّا يَشَاءُ ۚ إِنَّهُ بِعِبَادِهِ خَبِيرٌ بَصِيرٌ ) صدق الله العظيم (الشورى – 27)، هذه الآية وغيرها، تؤكد أن المال سبب للفساد، ولكن في مكان آخر أو مواضع أخرى نرى أن المال أو الارزاق نعمة يمن الله تعالى بها على المؤمنين، (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَىٰ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ وَلَٰكِن كَذَّبُوا فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُوا يَكْسِبُونَ) (الاعراف – 96).

فكيف نعلم ان كان المال نعمة من الله او عذاباً يسلط الله على اقوام كذبوا او ظلموا؟ الامر اوضح من ان يحدث التباساً: عندما يتم الانفاق على الفقراء واصحاب الحاجات والشأن العام، يكون المال نعمة وهداية، وعندما يتم الانفاق على الشهوات والفساد يورث صاحبه الكبرياء والتعالي على الناس، يكون عند ذلك عذاباً واستدراجاً من الله لمزيد من العقوبة في الآخرة ﴿ وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ ۚ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُوا إِثْمًا ۚ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّهِينٌ﴾ (آل عمران – 178).

المال المكدس لدى الدول النفطية هو مال عذاب، سيحصد اهله يوماً ما ذلاً في الدنيا، وفي الآخرة عذاب عظيم، مال يكدس ولا ينفق الا على الفساد واسباب اللهو واللعب، بل ينفق على الاعداء، سمعنا مثلاً ان الامارات تعطي لكل قتيل صهيوني مبلغا من المال، وللجريح مبلغ أقل، وما خفي كان اعظم.

اما المال الذي سُلحت به غزة، وحفرت به الانفاق، وعمّر به ما تهدم، هو مال الخير، هو مال الله الذي به ننتصر باذن الله تعالى.

وقد نفهم كبرياء وفساد اهل النفط، الا القليل الذي لا يقاس عليه، ولكن كيف نستطيع ان نفهم هذا الذل المصري؟ يُمنع اهل الشهيدين من الجيش المصري اللذين قتلا ظلماً على يد الصهاينة، من التشييع الا في حدود ضيقة، ويمنعون من رفع الشعارات واطلاق الهتافات، ولم نر تشييعاً رسمياً ولا جنوداً يؤدون التحية ولا غير ذلك؟ كيف نفسر هذا الذل وهذا الهوان؟.

لقد وضعوا في ذهن المصريين انكم اديتم قسطكم للعلى، شاركتم في حروب ثلاثة رئيسية، وتحمل الاقتصاد المصري الكثير من الضغوط، فهل هذا صحيح؟ كيف يكون صحيحاً ولم تكن المشاركة كافية: في عام 1948 كانت الاسلحة فاسدة، وتلقى الجيش المصري اوامر بالانسحاب قبل ظهور نتائج المعركة، في عام 1967 كان التحضير للحرب عبارة عن خطب رنانة وأغان واناشيد ثورية جميلة جداً، فقط، ولم يكن ثمة تحضير حقيقي للمواجهة، وفي العام 1973 انتهينا بالدفرسوار وبالكيلو 101 قرب القاهرة، فهل هذه مشاركة كافية؟.

لقد استطاعت المؤامرة الغربية ان تحقق الكثير من اهدافها على طريقة (التدمير الذاتي)، فدمرت العراق وسوريا والسودان واليمن وليبيا، بأيدي أناس يزعمون أنهم مسلمون أو اسلاميون، وكانوا ينفذون المؤامرة الغربية.

نسرد هذا المشهد لنؤكد من جديد ان ظاهرة المقاومة بما تقدمه من صمود اسطوري وبطولات خيالية، في ظل فساد الامة وانحرافها وتبعيتها للاميركي والصهيوني، تزيد من قيمة هذه المقاومة وتؤكد أنها ظاهرة ربانية فريدة ستحمل متغيرات حقيقية على الصعيد العالمي وليس فقط على صعيد المنطقة.

 

توحّد الموقف اللبناني ازاء النزوح السوري، وان كانت الدوافع مختلفة، وكل فريق يرى الامر من موقعه، ومهما يكن من امر، فان وحده الموقف السياسي من هذا الامر أمر ايجابي، الكل يؤكد ان ثمة مؤامرة على لبنان، وان الغرب لا يريد عودة النازحين الى سوريا لاسباب سياسية، حتى لو ادى الى ضرر حقيقي مفترض على لبنان، ولكن هل وحدة الموقف هذه سينسحب على الموقف السياسي لنخرج من الازمات؟؟.

رابط فيديو: خطبة الجمعة: 31-5-2024: https://youtu.be/h_n9P9p0dcg