بسم الله الرحمن الرحيم
موقف سياسي أسبوعي: خطبة الجمعة:
بتاريخ 17 شوال 1445هـ الموافق له 26 نيسان 2024م
عبادة الاصنام
ليست عبادة الاصنام طقساً مارسه الوثنيون في التاريخ فقط، بل ان اي تعظيم لقيمة وهمية او لقانون جائر، او لمبادئ تخالف الفطرة البشرية هو نوع من انواع عبادة الاصنام، لقد استيقظ المجتمع البشري بعد مجازر الحرب العالمية الثانية قوانين سموها قوانين حقوق الانسان، واكدوا على ضرورة تطبيق الديمقراطية كنموذج لحل مشاكل البشرية جمعاء.
لقد كشفت هذه الاشهر الاخيرة، منذ طوفان الاقصى تحديداً، ان هذه القوانين، وهذه الديمقراطية، تشبه اله التمر الذي يصنعه الجاهلي، فاذا جاع اكله، هكذا، فان كل المبادئ الذي زعمت اميركا انها تحملها الى البشرية قد انتُهكت بشكل كامل وأُلغيت عملياً من ساحة العمل السياسي، فان عشرات الالاف من المدنيين الذين قُتلوا ويقتلون يومياً في فلسطين لم يحركوا الديمقراطية الاميركية والعدالة الدولية، بل بكل بساطة يقولون ان الامر يحتاج الى لجنة تحقيق محايدة، فيما ان الرئيس الاميركي، مثلاً، تبرع مباشرة بعد مجزرة (المعمداني) بالقول ان القذيفة قد جاءت من الجهة الاخرى، دون اي تحقيق ، ودون اي خجل.
ووصل الامر الى الجامعات الاميركية، حيث يأتي رئيس مجلس النواب مع وفد موسع ليحاضر في جامعة كولومبيا، زاعماً ان الشعارات التي يرفعها المتظاهرون معادية للسامية، فيما يؤكد له يهود يشاركون في هذه التظاهرات، كيف تكون شعاراتنا معادية للسامية ونحن نشارك المتظاهرين في وقفاتهم؟ ويصل الامر الى حد اعتقال اساتذة الجامعات والدعوة لاستقالة رؤساء الجامعات، ما الذي حصل؟ اين ديمقراطيتكم؟ واين حرية التعبير المزعومة؟ اين عقل العالم؟ باع الجميع عقولهم وضمائرهم امام الدعاية الصهيونية الكاذبة.
كيف تكون المجازر حق دفاع عن النفس؟ كيف تكون الابادة باباً لمزيد من السلام الذي تنشره اميركا للبشرية؟ كما يزعم (بايدون) كيف يصدق الناس كل هذه الاكاذيب وهم يرون في كل يوم المجازر والمقابر الجماعية؟.
وكما حصل مع عبدة الاصنام، عندما أقام عليهم ابراهيم الحجة، لم يستسلموا للحق بل عمدوا للعنف والقمع، (قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِن كُنتُمْ فَاعِلِينَ (68)) (الانبياء)، كذلك يعمد الاميركيون وغيرهم الى العنف بدل الخضوع للحق الابلج الذي يراه كل من يرى بعينين ويسمع بأذنيْن.
في المقابل أننا نطمح أن نفتح صفحة جديدة في تاريخ البشرية من خلال صمود اهلنا في فلسطين، وإنجازات المقاومة التي يكاد تكون خيالية، في أعدادها ودقة أهدافها واستمراريتها، سواء في فلسطين أو لبنان أو اليمن أو سوريا أو العراق، وحيثما وجد مقاومون في محور المقاومة، لقد سجلت المقاومة في ثباتها واستمراريتها في غزة ما لم يسجله أحد في التاريخ الحديث، اما في جنوبي لبنان فإن عمليتْي رويسات العلم والمطلة وغيرهما، ووصول المسيرات إلى عكا وإلى صفد ودقة اختيار الأهداف، كل ذلك جعل المراقبين في الكيان يتساءلون عن هذه القدرات غير المتوقعة.
وبالمقابل نمحض المقاومة كل الثقة، سواء اعلنت أنها ستستمر في القتال حتى النهاية، أو ناورت فرفعت شعار دولة فلسطينية على حدود 1967 وهدنة طويلة، وإلقاء السلاح مقابل دولة فلسطينية حقيقية غير وهمية كدولة أوسلو، سواء كان هذا أو ذاك فإننا نثق أن ما تفعله المقاومة هو أمر عاقل ومدروس سيفُضي إلى خير أكبر، فمن قدم هذا القدر من التضحيات ومن قام بهذا الحجم من الأعداد، لا يمكن أن يخون القضية ولا يمكن أن يقدم على خطوة تناقض هذا الحجم من التضحيات وهذا القدر من الوعي الذي بذل على طريق التحرير
إن هذه المعركة الضاربة، وإن هذا القدر من الألم والصبر والمصابرة، لن ينتج عنه إلا الخير،، ولن تكون نتيجته في نهاية الأمر إلا ان تحقق الوعد الالهي العظيم (… وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا (7)) (الاسراء) صدق الله العظيم.
رابط فيديو: خطبة الجمعة: 26-4-2024: https://youtu.be/WamrhJLFIrg