القيم الانسانية

بسم الله الرحمن الرحيم

موقف سياسي أسبوعي للشيخ ماهر حمود: خطبة الجمعة:

بتاريخ 3 شوال 1445هـ الموافق له 12 نيسان 2024م

القيم الانسانية

‏لقد كرّم الله بني آدم ورفعهم فوق مستوى بقية المخلوقات، وليس ثمة رأي واحد بين المجتهدين حول المفاضلة بين بني آدم بشكل كامل والملائكة، ولكن ثمة رأي يقول ان الانسان باعتباره عقلاً وشهوة، فانه اذا غلب عقله شهوته فانه يصبح افضل الملائكة، واذا غلبت شهوته وانانيته عقله وفطرته، فانه اصبح اسوأ من الحيوان، ولا شك ان كثيراً من الآيات الكريمة والاحاديث تؤيد هذا الرأي بشكل او بآخر، نحن نستعير هذا الاجتهاد لنرى الانسان من خلال القيم، فانسان فلسطين اليوم ارتفع، ولو نظرياً، الى مستوى الملائكة، بما قدمه من صبر ويقين وايمان في مواجهة العدوان والصلف الصهيوني والتواطؤ العربي، وقدم القائد اسماعيل هنية، اضافة الى اخوانه وسائر المجاهدين من كافة فصائل المقاومة والصمود، نموذجاً عالياً للقيم البشرية لهذا الصبر والمصابرة التي ظهرت اثر استشهاد حوالي الستين من اهل بيته وعائلته الموسعة، وقدم بذلك مع زوجته وزوجة ابنه وسائر العائلة نموذجا أعلى للتكريم الذي كرم الله به بني آدم في مقابل الدجل والبهتان الذي أطلقته وسائل إعلام عربية تنطق باسم الصهيوني، عندما قالت أن هذا القائد وإخوانه قد نقلوا عائلاتهم إلى تركيا وغيرها، وأمدوهم بأموال جزيلة، بل أسسوا لهم “امبراطوريات” مالية استثنائية، وقد ظهر بشكل واضح كذب هذا الاعلام الرخيص المنفذ للاهداف الصهيونية.

واذا سألنا عن القيم التي تحكم نفوس اولئك الذين استثمروا جريمة المغدور (باسكال سليمان)، فاننا نجد انهم يسيئون الى انفسهم ويستسلمون الى شهوات العنصرية والفئوية والتعصب الاعمى، خاصة وانهم يثبتون تناقضهم مع انفسهم اذ يطلبون ان يكون السلاح فقط بيد الجيش، ثم يرفضون نتائج التحقيق ويشككون بهدف الجريمة ويؤكدون انها سياسية، رغم كل الدلائل الداحضة لهذه المزاعم.

نقول لهؤلاء الذين يدعّون تمثيل المسيحيين في لبنان، رغم ان ثمة اكثرية صامتة لم تعبّر عن نفسها، نقول لهم ان التجربة لا تزال حية، من راهن على الصهيوني تخلى عنه، ومن راهن على الاميركي لمس غدره ، فكفى…

والحمدلله اننا سمعنا خلال التشييع كلاماً ايجابياً يتحدث عن العيش المشترك ورفض الفتنة، مما يؤكد تراجعاً عن التحريض الذي سمعناه في اول الامر.

وثمة مقارنة معبرة، المغدور (محمد سرور) قتل في بيت مري، في قلب المنطقة المسيحية، ولم نسمع احداً يتهم جهات مسيحية بقتله، بل اجمع اهله والمعنيون انهم ينتظرون نتائج التحقيق الرسمي ويوجهون اصبع الاتهام الى الاسرائيلي وليس لغيره.

كما اننا ندين النزعة العنصرية تجاه النازحين السوريين، التي ادانها الجميع، ورأينا كيف يتم استثمار النزوح االسوري وفق اهواء السياسيين التي اثبتت فشلها.

في مقابل كل ذلك ما يثبت الصهيوني يوماً بعد يوم انه مجرد كل القيم الانسانية، ويؤكد ذلك بشكل مكرر، آخرها القصف على السوق واستهداف الجمهور الذي تجمع لانتظار المساعدات، بعد المستشفيات والبيوت الآمنة والمعابد وكل مرافق الحياة، سننتصر باذن الله بقيمنا وايماننا في مواجهة الكفر والتزوير والبهتان.