بسم الله الرحمن الرحيم
موقف سياسي أسبوعي: خطبة الجمعة:
بتاريخ 20 شعبان 1445هـ الموافق له 1 اذار 2024م
الصدق يهدي الى البر
ان الصدق ركن من اركان العمل الصالح، ان كل البر، والبر هو اسم جامع لكل انواع الخير، ان كل البر مرتبط او مرتكز على الصدق ، فلن يكون ثمة عمل صالح لا يرتكز على الصدق ودقة الكلام، وان الصادق الذي يتحرى الصدق يكتب عند الله صديقاً، وتزداد أهمية الصدق عند صنفين من الناس: العلماء والامراء، لان كلام العالم موقف وفتوى، ولان الملك ، او الحاكم، لا يجوز له ان يغش رعيته.
وهنا نستذكر الحكمة البالغة التي قد تكون حديثاً شريفاً، صح معناه حتى لو لم يصح سنده:
صنفان من الناس اذا صلحا صلح الناس، واذا فسدا فسد الناس، العلماء والامراء.
كما نستذكر الحديث الشريف: ثلاثة لا ينظر الله اليهم يوم القيامة ولا يزكيهم ولهم عذاب اليم.
لقد وضح هذا “الحديث” في خلافة عمر بن عبد العزيز، حيث صلحت الامة كلها بصلاح الحاكم، ووضح هذا الامر لدى فتنة الامام ابن حنبل مع الخليفة المأمون ، حيث رفض ان يقول كلاماً لا يؤمن به حتى لا يكون حجة عليه امام الناس وامام الله.
كما ثبت هذا المعنى في كثير من محطات تاريخنا، اليوم، لولا العلماء الصادقون والقادة المخلصون لما حصلت هذه المقاومة المظفرة الصادقة القادرة على الصمود شهورا في مواجهة العالم كله الذي يدعم العدو الصهيوني.
وفي المقابل ثمة علماء يشترون بآيات الله ثمناً قليلا، يتاجرون بعلمهم وبمنابرهم العالية الشأن التي مكنهم الله منها كخطيب الحرم، على سبيل المثال، الحافظ للقرآن، الذي يطرب لسماعه الملايين من الناس، ولكنه يسمح لنفسه أن يدعي أن رفع علم فلسطين فتنة والدعوة لنصرة غزة فوضى، فضلا عن دعوته السابقة للإلتزام بولي الأمر المزعوم الذي يستقدم الراقصات والمغنيات وينفق على فساد اللهو والترف والترفيه، ويزج العلماء الربانيين في السجن ويمنع الآخرين من نشر خطبهم على وسائل التواصل الاجتماعي … الخ.
ولي الأمر المزعوم هذا، ليس له علينا حق الطاعة إزاء قضية مسطورة في القرآن الكريم والحديث الشريف (لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق).
إن هذا العالم (التاجر) يصحح فيه قول العالم أبو الحسن الجرجاني:
ولو أنَّ أَهْلَ العِلْمِ صَانُوهُ صَانَهُمْ
ولو عَظَّمُوهُ فـي النُّفُوسِ لَعُظِّمَا
ولكِنْ أَهَانُوهُ فَهَانَ، وَدَنَّسُوا
مُحَيَّاهُ بِالأطْمَاعِ حَتَّى تَجَهَّمَا
ان وضوح القضية الفلسطينية وكثرة النصوص التي تؤكد قدسيتها واحقيتها، فضلاً عن التجربة الواسعة في هذا الامر، تجعل كلام امثال هذا زوراً وبهتاناً يصل الى حافة الكفر والفجور … الخ.
اما المشهد الآخر فهو مشهد الملك الذي ينشر صوره في الطائرة التي تلقي المساعدات لغزة، ثم أن هذه المساعدات الزهيده يقع أكثرها في البحر، السؤال هنا: إن كنت ضعيفا لا تقوى على انتزاع “إذن” من الصهيوني حتى توصل المساعدات براً، أو أن الصهيوني يحدد له الخط الذي لا يجوز له أن يتجاوزه فتسقط المساعدات في البحر.
إن كنت عاجزا إلى هذا الحد أمام الصهيوني، فلست أهلا لأن تكون حاكما، وأن كنت راضيا بذلك، فأنت أيضا لا تستحق أن تكون في مركز القيادة، وانت خائن للامانة.
نفس الكلام ينطبق على الحاكم في مصر، بل وكل الحكام الذين يروْن حجم العدوان والابادة والدمار في غزة ويشاهدون مقتل الناس وهم ينتظرون القليل من الغذاء، هؤلاء لا ينبغي لهم أن يكونوا في كراسي الحكم.
اننا نقف مشدوهين أمام يقظة البرازيلي والافريقي وجمهور عريض في عواصم وحواضر العالم العربي، ولا نرى ما يوازي ذلك، عدا اليمن، في عواصم العالمين العربي والاسلامي، بل نرى فتوراً وضعفاً، وما يمكن ان يفسر انه تواطؤ ورضى بهذه المجازر وهذا الدمار.
اننا نرى المشهد كله، نرى هذا الصنف من الملوك وذلك الصنف من “العلماء”، ولكننا نرى في نفس الوقت مقاومة باسلة صامدة، وشعباً قدم نماذج من الصبر يعجز اللسان عن وصفها.
بهذا المشهد، مشهد المجاهدين الصادقين سيغلب على ذلك المشهد المخزي، مشهد علماء السوء وحكام العار، وسنرى ذلك باذن الله تعالى.
رابط فيديو: خطبة الجمعة: 1-3-2024: https://youtu.be/J1ibNICxYs8