بسم الله الرحمن الرحيم
موقف سياسي أسبوعي: خطبة الجمعة:
بتاريخ 13 شعبان 1445هـ الموافق له 23 شباط 2024م
المقاومة هوية الأمة
في الخامس عشر من شعبان في السنة الثانية من الهجرة، تم تحويل القبلة من المسجد الأقصى إلى المسجد الحرام، كان صلى الله عليه وسلم في مكة يستطيع الجمع بين القبلتين فيصلي جنوب الكعبة المشرفة، فتصبح الكعبة والقدس كلاهما في قبلته، فلما هاجر إلى المدينة المنورة، لم يعد ممكناً الجمع بين القبلتين، فمكة إلى الجنوب والقدس إلى الشمال، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمون معه ثمانية عشر شهرا إلى القدس، أو ستة عشر حسب الروايات، وكان اليهود (يعيّرون) رسول الله صلى الله عليه وسلم والمسلمين، فيقولون له: (أنت تقلدنا، دينك ليس إلا اقتباساً من ديننا)، وكان ذلك يشق على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان يتمنى على الله أن يحول القبلة (قَدْ نَرَىٰ تَقَلُّبَ وَجْهِكَ فِي السَّمَاءِ ۖ فَلَنُوَلِّيَنَّكَ قِبْلَةً تَرْضَاهَا ۚ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ۚ وَحَيْثُ مَا كُنتُمْ فَوَلُّوا وُجُوهَكُمْ شَطْرَهُ ۗ وَإِنَّ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَيَعْلَمُونَ أَنَّهُ الْحَقُّ مِن رَّبِّهِمْ ۗ وَمَا اللَّهُ بِغَافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (144)) (البقرة).
وكان السبب الأهم لتحويل القبلة، فضلاً عن قدسيتها وارتباطها بإبراهيم عليه السلام، أبي الأنبياء، هو تأكيد الهوية، وإننا كأمة، لسنا اتباعا لأحد، بل يفترض من الآخرين أن يكونوا اتباعا لآخر دين انزله تعالى (وَكَذَٰلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا لِّتَكُونُوا شُهَدَاءَ عَلَى النَّاسِ وَيَكُونَ الرَّسُولُ عَلَيْكُمْ شَهِيدًا ۗ وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ مَن يَتَّبِعُ الرَّسُولَ مِمَّن يَنقَلِبُ عَلَىٰ عَقِبَيْهِ ۚ وَإِن كَانَتْ لَكَبِيرَةً إِلَّا عَلَى الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ ۗ وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُضِيعَ إِيمَانَكُمْ ۚ إِنَّ اللَّهَ بِالنَّاسِ لَرَءُوفٌ رَّحِيمٌ (143)) (البقرة).
تحويل القبلة تأكيد على الهوية الإسلامية، اليوم ودون أي تردد، نقول ان هوية المسلمين اليوم هي المقاومة، فلسطين، غزة، فمن لم يكن مع المقاومة، وفلسطين في أيامنا هذه، فإن انتماءه للإسلام مشكوك به .
نفهم أن يتردد البعض، نفهم أن يتأخر البعض بالإلتحاق بركب الحق، نفهم أن تضعف النفوس لفترة من الوقت، ولكن لا نستطيع أن نفهم كيف يُستنفر البرازيلي ويقف الموقف المشرف، وكذلك الجنوب أفريقي، وكثير من الشعوب الغربية التي تظاهرت وعبرت بأفضل اشكال التعبير، فيما يستمر الكثير من العرب في تخلفهم وجهلهم وجاهليتهم، بل يزدادون ضلالاً وغياً، أين المصريون وأين السعوديون والخليجيون؟ أين هؤلاء؟ أنهم لم يكتفوا بالحياد والسكوت، بل مارسوا الضغوط على المقاومة وأسدوا كل دعم ممكن للصهاينة.
وبكل وقاحة يقول وزير الخارجية المصري في مؤتمر الأمن في ميونخ، على سبيل المثال، يجب أن تُحاسب الجهات التي تدعم حماس والمقاومة، لم يكلف خاطره بأن يدين الجهات التي تدعم العدوان الصهيوني، الإعلام السعودي يتكلم عن المعارض الروسي (الكسي نافالني)، وقد زعموا أنه مات في السجن، أكثر بكثير من الحديث عن “الاموات” و “الضحايا” الذين استشهدوا في غزة، أطفالاً ونساء وشيوخاً وابطالاً يرفضون تسميتهم شهداء.
ولا نستطيع أن نسرد كل ما يقوم به هؤلاء لدعم العدو الصهيوني، والمشكلة أن بعض هؤلاء يزعم أن الموقف الشرعي هو بطاعة ولي الأمر، ولا يقرأون قوله تعالى (وَقَالُوا رَبَّنَا إِنَّا أَطَعْنَا سَادَتَنَا وَكُبَرَاءَنَا فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَا (67)) (الاحزاب)، وآيات كثيرة في هذا الصدد.
يجب على أهل المقاومة أن يتذكروا دائما، أن العدد ليس دائما دليلا على الحق، (وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِي الْأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ ۚ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنْ هُمْ إِلَّا يَخْرُصُونَ (116)) (الانعام) ، وآيات كثيرة أيضاً في هذا الصدد، وأن الهدف من المقاومة، من الجهاد، هو أولا رضى الله والجنة وليس النصر، النصر يأتي كنتيجة، وهدية من الله تعالى لصدق الصادقين وحسن اعدادهم وصدقهم وثباتهم … الخ.
وتزداد الصورة وضوحاً عندما نتابع أخبار العمليات المميزة: شقيقان أحدهما طبيب والآخر عريس، محمود وكاظم عيسى الزواهرة، في شرخ الشباب ومعهما احمد عزام الوحش، يتقدمون بخطى ثابتة نحو الشهادة، ليؤكدوا بدمائهم وتضحياتهم، ان مستوى البطولة والايمان واليقين يزداد ويرتفع وينمو في فلسطين، في مقابل التخلف والهوان العربي، مما يؤكد اننا على طريق النصر القريب باذن الله.
رابط فيديو: خطبة الجمعة: المقاومة هوية الامة: 23-2-2024: