بسم الله الرحمن الرحيم
موقف سياسي أسبوعي: خطبة الجمعة:
بتاريخ 14 رجب 1445هـ الموافق له 26 كانون الثاني 2024م
صلة وثيقة بالقرآن
ان اهم جانب من “ايجابيات” العدوان على غزة، رغم المآسي والدمار، ورغم ما نراه من ابادة جماعية وتهجير وكوارث لا تحصى … الخ، ان اهم جانب هو اننا نشعر أن كل فقرة من هذه الحرب العدوانية، تربطنا بالقرأن الكريم وبالسيرة النبوية المطهرة، بحيث ننتقل من ذلك التاريخ المميز الذي بُني عليه حاضرنا الى حاضر يبني مستقبلاً واعداً مشرقاً باذن الله تعالى، وعلى سبيل المثال لا الحصر:
- هذه العملية الاخيرة، في المغازي، التي سقط فيها 24 جندياً وضابطاً صهيونياً، حسب اعترافهم، وان كان الخبراء جميعاً يؤكدون ان العدد اكبر من ذلك، لقد قام بهذه العملية الناجحة بشكل رئيسي، مجاهد واحد، ومعه مصور، دمر دبابة، ثم انتظر أن يُفخخ المبنى وبالقذيفة الثانية سقط المبنى على رؤوس المعتدين، ثم سقطت مجموعة اخرى بألغام تم زرعها … الخ. هل هذا فعل بشر أم توفيق الهي؟ وهنا نرى وكأن الآيات التي أُنزلت اثر غزوة بدر كأنها تصف ما حصل اليوم (فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت إذ رميت ولكن الله رمى وليبلي المؤمنين منه بلاء حسنا إن الله سميع عليم ( 17 )) (الانفال).
- استجاب اهل اليمن لنداء الايمان رغم الحرب والحصار الذي انهكهم حوالي احد عشر عاماً، رغم جراحهم، وكذلك اهل غزة الذين عانوا من الحصار اكثر من 16 عاماً، وكانوا يعانون من ظلم العرب أكثر مما يعانون من ظلم الصهاينة، ورغم ذلك استجابوا للنداء الرباني ﴿ الَّذِينَ اسْتَجَابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِن بَعْدِ مَا أَصَابَهُمُ الْقَرْحُ ۚ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ﴾
(آل عمران – 172)، وهذا ما حصل بعد غزوة أحد، اذ استجاب المؤمنون لاستنفار الرسول صلى الله عليه وسلم، اثر معلومات عن ان المشركين يهمّون بشن هجوم آخر، فاستجاب المؤمنون رغم جراحهم، وقالوا حسبنا الله ونعم الوكيل، ، وتتمة الآية تشبه ما يخوّفون به المجاهدين في غزة وفي اليمن وكذلك في العراق ﴿ الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَانًا وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ﴾(آل عمران – 173)، اننا نلمس انه ليس في قلوب المجاهدين في غزة، او لبنان، او اليمن والعراق، اي خوف من العدو الصهيوني ومن خلفه الاميركي وكثير من العرب، يريد البعض تخويفهم ولكنهم لا يخافون الا من الله، ويستمرون في المواجهة غير آبهين بالثمن الباهظ الذي يدفعون.
- وفي غزوة الاحزاب، حاصر المشركون المدينة ولم يمنعهم من “القضاء” على المؤمنين الا الخندق، وكذلك اليوم، مع الفارق بالقياس، لم يمنع الصهاينة من افناء اهلنا في غزة الا الأنفاق، وكذلك شعر المسلمون خلال الحصار بضيق شديد، ولكن الرسول صلى الله عليه وسلم طمأنهم الى النصر بقدرة الله، فكان النصر، ونرى كل ذلك مسطوراً في الآيات التي انزلت اثرها، بتشابه كبير مع واقعنا اليوم (يَٰٓأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءَامَنُواْ ٱذْكُرُواْ نِعْمَةَ ٱللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَآءَتْكُمْ جُنُودٌ فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ رِيحًا وَجُنُودًا لَّمْ تَرَوْهَا ۚ وَكَانَ ٱللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرًا) (الاحزاب – 9) ﴿ إِذْ جَاءُوكُم مِّن فَوْقِكُمْ وَمِنْ أَسْفَلَ مِنكُمْ وَإِذْ زَاغَتِ الْأَبْصَارُ وَبَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ وَتَظُنُّونَ بِاللَّهِ الظُّنُونَا (10) نَالِكَ ٱبْتُلِىَ ٱلْمُؤْمِنُونَ وَزُلْزِلُواْ زِلْزَالًا شَدِيدًا (11)﴾ (الاحزاب)، تأتي هذه الآيات وكأنها بشرى لاهل غزة ولنا جميعاً، فلا بأس ان نشعر بالاضطراب في فترة ما، بل بالزلزلة، فلعل ذلك سيكون من مستلزمات النصر باذن الله تعالى.
- لقد استمرت الغزوات في المدينة المنورة بعد الهجرة وتعاقبت المعارك والسرايا، وكان المسلمون يبيتون بسلاحهم، حتى اشتكوا الى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، هل ستبقى حياتنا هكذا؟ نبيت ونقوم بسلاحنا؟ فأنزل الله تعالى ﴿ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ ﴾ (النور – 55)، وكذلك اليوم قد يشتكي البعض من استمرار المعارك وضراوتها، ولكن كل المؤشرات تدل على ان النصر آت باذن الله، وانه، ان شاء الله، سيكون نصراً مؤزراً مميزاً يُدخلنا في مرحلة جديدة ، لا تشبه المراحل السابقة.
- ان التشاور كبير يشعرنا بالاطمئنان ووضوح الرؤية، وكثيرة هي مواقع الشبه، ونذكر منها ايضاً ما يردده المجاهدون كثيراً: ﴿ وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ ۖ إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ ۖ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا﴾ (النساء – 104).
رابط فيديو: خطبة الجمعة: 26-1-2024: https://youtu.be/ICTsXtECV6E