الثبات من الله

بسم الله الرحمن الرحيم

موقف سياسي أسبوعي: خطبة الجمعة:

بتاريخ 30 جمادى الآخرة 1445هـ الموافق له 12 كانون الثاني 2024م

الثبات من الله

‏(وَلَوْلَا أَن ثَبَّتْنَاكَ لَقَدْ كِدتَّ تَرْكَنُ إِلَيْهِمْ شَيْئًا قَلِيلًا) (الاسراء – 74)

يخاطب رب العالمين سيد الانام محمداً صلى الله عليه وسلم، ويمّن عليه بأن ثباته على الحق منةٌ من الله وليس فعلاً بشرياً، لينسحب ذلك علينا، على الثابتين على الحق، في فلسطين ولبنان واليمن والعراق وسائر المقاومين.

ليس امراً سهلاً ان ترى شعباً كاملاً يبقى ثابتاً على الحق، رغم الدمار والقتل والمجازر، ورغم التآمر والخيانة وتكالب الامم عليهم، لم نسمع الا: فداء لفلسطين، فداء للاقصى، فداء للمقاومة، لم نسمع تذمراً ولا اعتراضاً، ولم يحمّل أحدٌ مسؤولية ما يحصل للمقاومة، بل ان الجميع يؤكد ادانة الاجرام الصهيوني ويحيي البطولة والصمود الفلسطينيين.

هذه منة من الله لنزداد يقيناً أن هذه القضية، ربانية، الهية، يهيء الله اسبابها ويثبت ابطالها ويمكنهم على الطريق.

كما ان الجميع يتبارى في من يؤدي دوراً اكبر على طريق فلسطين، وهنا نحيي المبادرات الفردية، التي ينقصها التدريب والاعداد، والتنسيق مع اصحاب الخبرة…الخ، ولكن الله رب نوايا يحاسب على النوايا، على الصدق والعزم والاخلاص، وليس على النتائج، من هنا نعتبر ان شاء الله، ان مبادرة (الشهيد عبد الكريم البرناوي) مقبولة عند الله، ومثله كثيرون، يحاولون ان يؤدوا شيئاً على طريق فلسطين، يتجاوزون من خلاله الخطوط الحمر وبعض القيود التي يرونها، من وجهة نظرهم، مقيدة للعمل الجهادي.

ولنا هنا ان نذكر، على سبيل المثال، مبادرة، عتبة بن اسيد (ابو بصير)، الصحابي الذي بادر، بقرار فردي لعمل فدائي بطولي يعرقل من خلاله طريق القوافل بين مكة المكرمة والمدينة المنورة، خلال فترة السنتين اللتين فصلتا بين صلح الحديبية وفتح مكة.

ولقد امتدح رسول الله صلى الله عليه وسلم فعله، قائلاً: ويل أمه، مسعر حرب لو كان معه رجال، … وكذلك، ابو جندل، العاص بن سهيل بن عمرو، وقد سبقه الى ذلك.

نحيي المبادرات الفردية، وان كنا نتمنى التنسيق مع الجهات صاحبة الخبرة من اجل الاتقان وتحقيق الاهداف، ولكن اصحاب المبادرات الفردية يؤكدون حسن النوايا والثبات على طريق الخير.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

كما نؤكد مرة اخرى، ان فكرة ضرورة ارتباط الجهاد بولي الامر، فكرة لها أصل واضح في الشريعة، وفي ذلك تفصيل، ولكن ادراجها اليوم كشرط لازم للمقاومة فكرة فاسدة تكاد تصبح خيانية، لان اكثر من يسمّون ولاة أمر قد نصبّهم الاستكبار، يأتمرون بأمره وينتهون بنهيْه، وكأن الهدف من طرح هذه الفكرة ان يبقى الاسلاميون يتنافسون على اقامة “حكم اسلامي” يتقاتلون فيما بينهم وبين الحكام للوصول اليه، بين انقلاب وآخر، وثورة مزعومة واخرى، وينشغلون بذلك عن العدو الصهيوني.

لو انتظرت المقاومة اذن ولاة الأمر المزعومين، لكان أمرنا في الحضيض، فالتحية الكبرى للمقاومة بكل فصائلها، والخزي والعار لولاة الامر المزعومين.

امثال من اجتمعوا مؤخراً في العقبة، ولم يكن اجتماعهم الا جزء من العدوان على الشعب الفلسطيني بشكل او بآخر.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أما المحكمة الدولية وادانتها للجرائم الصهيونية، امر ايجابي، لا شك، نحيي بذلك دولة جنوب افريقيا ومن ساندها في ذلك، مؤكدين ان قراراتها الايجابية ستكون بالنسبة الينا كالنسمة الباردة التي تخفف من لهيب الحر، نسمة خير وعدل، ولكن الكلمة للميدان وللميدان فقط.

رابط فيديو: خطبة الجمعة: 12-1-2024: https://youtu.be/eGG8TA72ohQ