بسم الله الرحمن الرحيم

موقف سياسي أسبوعي: خطبة الجمعة:

بتاريخ 19 ربيع الآخر 1445هـ الموافق له 3 تشرين الثاني 2023م

ارض الميعاد؟ (1)

‏‏‏‏‏‏على ضوء الملحمة التاريخية في غزة وسائر فلسطين، وما يحيط بها من ملابسات، لا بد من إعادة شرح فكرة ارض الميعاد، وكيف نفهمها من خلال القرآن الكريم، كما من خلال التاريخ، وليس من خلال الأساطير اليهودية ولا ردات الفعل أو المواقف السياسية التي لا تعتمد على ادلة دينية أو تاريخية.

‏ باختصار نعم أن الله وعد بني إسرائيل بأرض فلسطين، وأعطاهم إياها في فترة الملكيْين النبيْين داوود وسليمان، ولكنهم ظلموا وفجروا، فحكم الله عليهم بالتشريد إلى أن يجتمعوا مرة أخرى في أرض الميعاد، لتتم معاقبتهم بالذبح والتشريد مرة أخرى، هذا مختصر الموضوع، أما التفصيل فهو:

إن بني إسرائيل أتوا إلى مصر بدعوة من سيدنا يوسف عليه السلام بنص قوله تعالى (…وَأْتُونِي بِأَهْلِكُمْ أَجْمَعِينَ ) (يوسف – 93).

‏سكن بنو إسرائيل في مصر وعاشوا عيشا هنيئا تحت حكم الرعاة، الهكسوس، فترة من الوقت لعدة مئات من السنين، ثم عاد حكم الفراعنة، فظلموا بني إسرائيل واستعبدوهم، فبعث الله سيدنا موسى عليه السلام فاخرج بني إسرائيل من مصر وشق الله لهم البحر ودخلوا سيناء وأكرمهم الله تعالى بتفجير الينابيع، والمن والسلوى، وظللهم بالغمام إلى … الخ.

‏غاب عنهم موسى عليه السلام اربعين يوما فعبدوا العجل، وأمرهم موسى عليه السلام بقتال الجبابرة، حتى يعطيهم الأرض المقدسة، ولكنهم رفضوا فكتب الله عليهم التيه اربعين سنة.

وبعد اربعين سنة، حصلت معركة داوود في وجه جالوت، وانتصر بنو اسرائيل بضربة مقلاع واحدة، وتأسست دولة بني اسرائيل، فحكم داوود وسلميان كلاهما حوالي 80 سنة، ثم فسد بنو اسرائيل وانقسموا الى دولتين وظلموا جيرانهم، فسلط الله عليهم نبوخذ نصر الذي جاء من بابل ليدمر ما بنوه وجر احجار الهيكل معه الى بابل.

‏منذ السبي البابلي، اي منذ 597 ق.م، لم يجتمع بنو إسرائيل في أي كيان سياسي مستقل، إلى يومنا هذا، هذا الكيان هو مكان اجتماع ذبحهم، … ولقد قلنا مرارا وتكرارا، إن كلمة ذبح هي كلمتهم، هي اللفظ الذي يستعملونه بحق أنفسهم.

‏المختصر، لا يصح أن نلغي فكرة أرض الميعاد بالمطلق، ولا يصح أن نوافق بني إسرائيل على زعمهم أن هذه الأرض هي أرض ميعادهم، بل هي أرض ميعاد ذبحهم ونهايتهم… وللبحث تتمة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

لم يحصل قبل الآن …

‏الذي يحصل اليوم في فلسطين لم يحصل مثله في التاريخ لجهات عدة:

‏1- لم يحصل مثل هذا النوع من المجازر في التاريخ البشري، بتوافق الدول الكبرى والعالم الغربي الذي يدعي الديمقراطية .

‏2- لم يحصل مثل هذا الصمود من شعب بكامله، يرفض الخضوع للمحتل رغم هذا الحجم من الخسائر .

‏3- لم تحصل مقاومة بهذه القوة والصلابة والاعداد والتنظيم في تاريخ المقاومات، خاصة إذا أخذنا بعين الاعتبار الحصار والتآمر العربي وظروف الاحتلال.

‏4- لم يحصل مثل هذا الحجم من الخيانة من العرب، يمنع الدعاء والقنوت في المساجد، يُجّرم من يرفع علم فلسطين، يدان من يتحدث عن مجازر اليهود، وأكثر من ذلك يحصل في السعودية.

‏مصر التي تحاصر وليست إسرائيل، كان بمقدور السلطة في مصر أن تفتح المعابر، أن تنقل الجرحى، أن تقيم مستشفيات ميدانية في رفح، مثلا، أن توصل الخطوط الكهرباء وهي موجودة، لا تحتاج الا إلى تحريك “الهاوس”، كان باستطاعتها أن تخفف الكثير من الآلام عن أهل غزة تحت عنوان انساني.، بل كانت تساهم في خنق أهل غزة وذبحهم بموقفها الخياني الواضح .

‏5- لم يحصل مثل هذا التواطؤ العالمي على جريمة بمثل هذا الحجم.

‏6- لم يحصل أن حملت أمة املاً بهذا الحجم، رغم التواطؤ العالمي والخيانة العربية والحصار والظروف، لم يحصل أن الأمة كانت بهذا الحجم من الفخر والاعتزاز والأمل بالنصر المؤزر المبين ، والله غالب على امره ولكن اكثر الناس لا يعلمون.

الشيخ ماهر حمود: رابط فيديو: خطبة الجمعة: https://youtu.be/EKhrz2-BtMg