شعب الجبارين !

بسم الله الرحمن الرحيم

موقف سياسي أسبوعي: خطبة الجمعة:

بتاريخ 12 ربيع الآخر 1445هـ الموافق له 27 تشرين الاول 2023م

شعب الجبارين !

‏‏‏‏‏إن حجم الصمود الذين نلمسه من الشعب الفلسطيني ومن أهل غزة بشكل خاص، لم يشهد له التاريخ مثيلا، هو شعب الجبارين، خلقهم تعالى على جبلة القوة والشكيمة، واضافوا إلى الجبروت الإلهي الذي جبلهم الله عليه الايمان واليقين والتوكل على الله والصبر وكل الصفات التي تؤهل للنصر، ومنها (التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ الْحَامِدُونَ السَّائِحُونَ الرَّاكِعُونَ السَّاجِدُونَ الْآمِرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنكَرِ وَالْحَافِظُونَ لِحُدُودِ اللَّهِ ۗ وَبَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ ) (التوبة – 112).

‏كنت فيما مضى انتقد تسمية الشعب الفلسطيني بالشعب الجبارين، باعتبار أن الجبارين في القرآن الكريم، كانوا كفارا، حاربهم الأنبياء، ونحن اتباع الأنبياء، أي نحن في الصف المواجهة للجبارين، إنما تبين أن الصحيح هو أن شعب فلسطين هو شعب الجبارين أضاف إلى الجبروت الإلهي الذي جبله الله عليه الإيمان واليقين، فأصبح يملك القوتين، قوة شعب الجبابرة أضيف إليها الإيمان‏.

‏بعد حوالي عشرة آلاف من الشهداء ودمار، لم يحصل مثله منذ الحرب العالمية الثانية، وتهجير وآلام، وتواطؤ تآمري عالمي وعربي، لم نسمع من احد له قيمة تذكر تململاً أو جهة تحملّ المقاومة وحركة حماس مسؤولية ما حصل، بل أن الجميع يشعر رغم الجراح بالفخر والعزة واليقين بالنصر، ذلك بأنه ضربة، طوفان القدس، لا تزال في ضمير الأحرار أعمق وابعد أثرا، من كل المآسي التي يعيشها شعبنا.

‏وقد قدم لنا مراسل الجزيرة (وائل دحدوح) نموذجاً عن هذا الصمود وهذه المصابرة، إذ أنه لم يغادر الساحة ولم يجلس لتقبل التعازي، ولم يشعر بالإحباط، بل أكد أن ما أصابه وأن هذه الدماء وهذا الدمار سيفتح طريق التحرير، ويبني الوطن على الأسس السليمة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أننا ندين أصوات النشاز، بل الأصوات الصهيونية التي انطلقت من لبنان، حيث زعم هؤلاء بكل وقاحة أن المقاومة ستحُمّل مسؤولية أي دمار سيحصل، إذا ما انخرط لبنان في الحرب الدائرة، لم يذكروا الصهاينة بسوء، ولم يحملوا العدو أية مسؤولية، إن هؤلاء يجب أن يخرسوا بل أن يحاسبوا جميعاً بتهمة الخيانة العظمى، ولا ينبغي أن يتمكنوا من الحديث على الشاشات ومن على المنابر، وينبغي أن يطلق على أحدهم لقب ليفي بدل ريفي، على سبيل المثال.

ان على الجميع ان يكونوا على يقين ان قيادة المقاومة أوعى من ان توجه اليها اتهاماً او نصيحة مسمومة من هؤلاء وأمثالهم، فان قيادة المقاومة تتحلى بكم من الحكمة والوعي، تستطيع من خلاله ان توازن بدقة بين المصلحة اللبنانية والواجبات التي تفرضها قضية فلسطين المقدسة.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــ

ومن جديد نكرر ‏ان هذا الدمار وحجم الضحايا، قد يكون العتبة ما قبل الأخيرة من زوال إسرائيل، ويجب أن تصحح الفكرة المغلوطة التي يتبناها البعض استناداً إلى تفسير خاطئ لبعض الآيات الكريمة، فيقولون عن جهل، إن هذه الأرض هي الأرض الموعودة التي قدمها الله تعالى لبني إسرائيل، والصحيح إن الله وعدهم بها وأسكنهم فيها أيام داود وسليمان (عليهما السلام)، أي قبل المسيح (عليه السلام) بستة قرون على الأقل، ثم حكم عليهم بالتشريد ليجمعهم مرة أخرى في أرض ميعاد (ذبحهم)، وهذا التعبير هو تعبيرهم وليس تعبيرنا، هذه أرض ذبحهم وليست أرض اللبن والبخور كما يزعمون، ويكذبون على أنفسهم، (… وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ) (الشعراء – 227).

رابط فيديو: خطبة الجمعة: 27-10-2023: https://youtu.be/X9DbJSvyoE40