بسم الله الرحمن الرحيم
موقف سياسي أسبوعي: خطبة الجمعة:
بتاريخ 24 محرم 1445هـ الموافق له 11 اب 2023م
نذر حرب اهلية؟
هل الذي حصل في الكحالة مساء الاربعاء، وما نتج عن ذلك من مواقف وتحريض وتشنجات، ينذر بحرب اهلية؟ للجواب على ذلك لا بد من اجراء مقارنة بين ما نحن عليه الآن وما كان عليه لبنان عشية 13 نيسان 1975، فاذا ما حصلت هذه المقارنة لا بد ان نجد فوارق حقيقية تجعل افتراض حرب اهلية امراً بعيداً:
اولا: ان اهم عنصر من عناصر الحرب الاهلية، كان القرار الخارجي، وعلى رأس من هم بالخارج (اسرائيل)، التي وجدت ان اهم وسيلة لمواجهة المقاومة الفلسطينية، هي حرب داخلية لبنانية تأكل الاخضر واليابس، وتأخذ في طريقها المقاومة الفلسطينية، ولا يخفى على احد ان اسرائيل كانت موجودة في الداخل اللبناني من خلال عملائها ومن خلال الاتصال المستمر مع جهات كانت تدعي تمثيل المسيحيين وقتها، كما تم اقناع المسيحيين من خلال المؤامرة الاميركية، ان ثمة قراراً دولياً باعطاء لبنان للفلسطينيين كوطن بديل، مما زاد في تسعير الحرب الاهلية.
السؤال: هل يرى الاسرائيلي والاميركي اليوم ان انهاء حزب الله والمقاومة الاسلامية يكون بحرب اهلية لبنانية؟ الجواب مبدئياً لا… ان المؤامرة الدولية تكتفي في هذه المرحلة باحكام الحصار الاقتصادي على لبنان الذي بدأ في اواخر العام 2019 ولا يزال، ورغم ان هذا الحصار لم يحقق الاهداف التي يريدها العدو، ولكن ليس ثمة خطة بديلة حتى الآن، والله اعلم.
ثانياً: كان السلاح يتدفق منذ العام 1970 او 1971، او حتى قبل ذلك إلى حزب الكتائب وبقية الأحزاب المسيحية، ومواقع التدريب قائمة على قدم وساق، بالموازاة مع السلاح المتدفق للمقاومة الفلسطينية فوصل الأمر إلى ما يشبه التوازن، اليوم، الأمر يختلف وليس ثمة مقارنة بين المقاومة وأعدائها وأخصامها، لا من حيث العدد ولا من حيث العدة والتنظيم والخبرة العسكرية.
ثالثا: التجربة كانت مرة ولن يتجرأ أحد على التسرع في الدخول إلى حرب أهلية، بعدما ذاق الجميع مرارة الحرب، وأن أحدا لم ينتصر فيها، وأن كانت الغلبة بشكل عام للحركة الوطنية بشكل او بآخر، ثم للمقاومة بعدما نفذت إسرائيل اجتياحها ثم ما لبثت أن اندحرت مخذولة في العام 1985 ثم 2000 … الخ.
يعني يفترض ان بقي بعضٌ من العقل لن يكرر احد مقولة بيار الجميل (ولتكن الحرب وليربح الأقوى) وسيردد الفريق المواجه ما قاله أحد قادة الحركة الوطنية في مراجعة نقدية (لن يستسهل احدٌ، ركوب الحرب للوصول إلى الأهداف الوطنية)، كما ينبغي للجميع ان يتذكر بيت الشعر الذي قاله زهير بن ابي سلمى واعظاً واصبح مثلاً:
وما الحرب الا ما علمتمُ وذقتمُ وما هو عنها بالكلام المرجّم
رابعا: وقتها كانت اسرائيل القوة التي لا تقهر، أما الآن فقد هزمت إسرائيل وتهزم في فلسطين وفي لبنان بشكل دائم ومتكرر …
في المقابل لا بد أن نذكر أن نقاطاً سلبية، لم تكن موجودة في العام 1975:
أولا: ثمة دول طبّعت وخرجت من الصراع، بل تضع نفسها علنا ضد المقاومة، فيما كانت نفس هذه الدول تزعم أنها مع المقاومة الفلسطينية وتدعمها بشكل او بآخر.
ثانيا: كان الاتحاد السوفيتي كدولة عظمى تدعم المقاومة الفلسطينية وتعتبر مرجعا لها، اليوم إيران تدعم المقاومة وتمدها بما تحتاجه، ولكن إيران ليست دولة عظمى بالمعنى الذي كان عليه الاتحاد السوفيتي، ولكن في نفس الوقت كانت اميركا أقوى وأكثر وضوحا، اليوم اميركا أثبتت أنها ليست مخلصة لعملائها و”أصدقائها” فيما يجعل المشهد مشابها بشكل او بآخر .
ثالثا: لم يكن ثمة أزمة مذهبية في العام 1975 على الإطلاق، فيما اليوم تبرز المذهبية كسلاح فاعل تستطيع المؤامرة أن تحركه في أي وقت وبأي شكل من الاشكال، في نفس الوقت رأى العقلاء بأم العين ان “الصراع” المذهبي، سلاح فاشل، لن يؤدي إلى أي مكان.
رابعا: تساهم اليوم وسائل التواصل الاجتماعي، في التوتير السياسي، لأن كل إنسان يستطيع أن يقول ما يريد بدون أية رقابة، ولم يكن هذا موجوداً وقتها.
رغم هذه المقارنات التي يرى البعض أنها لا تمنع من قيام حرب أهلية، الا أننا نؤكد أن لا حرب اهلية لأسباب اهمها: الوعي الذي تتحلى به المقاومة، وعدم انجرارها وراء ردات الفعل، وعدم وجود قرار دولي او اقليمي باعتماد الحرب الاهلية كوسيلة للوصول الى الاهداف التآمرية.
لكن علينا ان نبقى على حذر وان نكون على يقين ان المؤامرات على المقاومة ستبقى مستمرة، ولكنها بحول الله ستندحر المؤامرات وستنتصر المقاومة واهلها، ولا يجوز ان ننسى ان موعد زوال اسرائيل اصبح قريباً باذن الله.
وفي ختام كل ذلك نقول للذين عبروا عن احقاد دفينة وعبروا من خلال مواقفهم عن اوهام تودي بهم الى الهلاك ، واستسلموا للغضب الذي يُذهب العقل: اقرؤوا جيداً ما قاله عنترة:
لا يحمل الحقد من تعلو به الرتب ولا ينال العلا من طبعه الغضب
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ندعو الجميع الى مساعدة كافة المبادرات التي تساعد في رفع النفايات من شوارع صيدا، اثر عجز الجهات الرسمية بالقيام بمهماتها في هذا الصدد، كما نتمنى لرئيس البلدية الجديد التوفيق في هذه المهمة الصعبة والتي لا يحسد عليها.
رابط فيديو: خطبة الجمعة: 11-8-2023: https://youtu.be/TowsMgesRxU