بسم الله الرحمن الرحيم
موقف سياسي أسبوعي: خطبة الجمعة:
بتاريخ 17 محرم 1445هـ الموافق له 4 اب 2023م
الخلاف عذاب رباني
نستطيع ان نؤكد دون اي تردد، ان اي خلاف او قتال يقع بين المسلمين، بغير مبرر واضح، وهو عذاب ينزله الله على الامة، لقد عذّب الله الامم السابقة بالزلازل والخسف والغرق، ولكن امة محمد صلى الله عليه وسلم تعذّب بالخلاف بينها وبأن يكون بأسها بينها شديداً، والدليل على ذلك كثير واهمها الآية 65 من سورة الانعام (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَىٰ أَن يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِّن فَوْقِكُمْ أَوْ مِن تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعًا وَيُذِيقَ بَعْضَكُم بَأْسَ بَعْضٍ ۗ انظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ)، وحديث سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم : (سألت ربي ثلاثًا، فأعطاني اثنتين ومنعني واحدة، سألت ربي: أن لا يهلك أمتي بالسنة فأعطانيها، وسألته أن لا يهلك أمتي بالغرق فأعطانيها، وسألته أن لا يجعل بأسهم بينهم فردت عليّ) أخرجه مسلم من رواية سعد بن ابي وقاص كما روي بالفاظ متعددة ومن عدة طرق صحيحة، وهذا ينطبق على التاريخ الاسلامي كله من معركة الجمل وصفين الى حرب اليمن الى الاقتتال المتجدد في عين الحلوة.
والذنوب التي تسبب العذاب على انواع، بعضها شخصي وبعضها عام، واكبر الذنوب العلاقة مع العدو واتفاقات الذل والعار من كامب ديفيد الى اوسلو ووادي العرب الى التطبيع المجرم… وقد نخفف عن الذين ارتكبوا هذه المعاصي الكبرى بالقول، انهم مضطرون،(على قاعدة من اضطر غير باغ ولا عاد فلا اثم عليه)، فلولا الخيانة العربية، والدعم الغربي والظروف المعقدة لما “اضطروا” الى هذه المعصية الكبرى، فهذا صحيح جزئياً وليس كلياً، باعتبار ان ثمة اسباباً اخرى ادت الى هذه الاتفاقات، ومنها المعاصي وعدم بذل كافة الجهود للاستعداد على قاعدة (واعدوا لهم ما استطعتم من قوة)، كان ثمة تقصير كبير في هذا الاتجاه، هذا من جهة، ومن جهة اخرى، الضرورات تقدر بقدرها، فان كانت الضرورة تلجئنا الى لقمة واحدة مثلا، للحفاظ على حياتنا، فلا يجوز ان نتناول لقمتين، وهنا نطرح سؤالاً رئيسياً: هل اعتقال المقاومين في الضفة الغربية ضرورة؟ هل يمكن ان توصلنا الضرورة المزعومة الى اعتقال واهانة خيرة شباب الشعب الفلسطيني؟ بالتأكيد لا.
وهنا لا بد ان نذكر هذا المثل، كان احد علمائنا الكبار يقول لنا: كلنا في هذا المجتمع سنلطخ بالادناس والادران، ولكن منا من ينظف نفسه دائماً وباستمرار رافضاً هذه الادناس، ومنا من ينظر الى هذه الادران باعجاب ويبررها بل يفخر بها، فان كان الذين “اضطروا للتطبيع” فعلاً في ضرورة ملجئة فليس عليهم ان يتمادوا وان يقبل احدهم بتدمير بيته او مدينته وقتل اهله واخوانه، في سبيل الحفاظ على كرسيّه او المكاسب التي يطمح اليها من خلال ما يسمى بالدول المانحة، او من خلال العدو مباشرة.
اذن من تآمر على المخيم، ليس في حالة اضطرار على الاطلاق، وليسوا معذورين امام الله وامام التاريخ، وسيتم فضحهم في وقت قريب باذن الله.
نكرر ادانتنا واستنكارنا لاغتيال العميد العرموشي والذين معه، لكننا بنفس الوقت ندين ردة الفعل التي تمثلت بالقصف العشوائي والتدمير وتعميم الخراب على الجميع، كما ندين جريمة قتل عبد الرحمن فرهود والذين اصيبوا معه بجريمة حصلت عن سابق تصور وتصميم.
كيف الخروج من هذ الفتة؟ ان يقف فريق من المتقاتلين ، موقف احد ابنْي آدم الذي رفض ان يقتل اخاه وان يترك الامر للانتقام الالهي، وهذا مطلوب من الجميع، هذا على صعيد هذه الفتنة التي حصلت مؤخراً، اما على الصعيد العام فالخروج من الفتنة فهو توحيد الصف وتوجيه السلاح الى العدو الصهيوني، والتأكيد على ان طريق فلسطين هو المقاومة وليس المواقف “السلمية” التي لن تؤدي الا الى زيادة الصهاينة واجرامهم.
ولئن سئلنا ما هو الهدف من هذه الفتنة، سنردد ما يقوله الجميع من ان الصهاينة يخشون من تسرب السلاح والخبرات من مخيم عين الحلوة، ولكن عند الصهاينة هدف دائم وهو تشويه صورة الشعب الفلسطيني حتى يقول المراقبون مثلاً، ان الذي يقاوم الصهاينة هم اولئك المتخلفون الذين يقتلون انفسهم ويدمرون مخيمهم ويضعون انفسهم موضع “السخرية” من الرأي العام العالمي.
لن يرضى الصهيوني ان “يمثل” الشعب الفلسطيني مثلا، الشهداء: رعد خازم وابراهيم النابلسي وبراء الكيالي وعدي التميمي وابطال غزة، وغيرهم، وعائلات هؤلاء الشهداء الذين اعطوا الصورة المثالية للشعب الفلسطيني، بل يريد الصهاينة ومن معهم ان يقولوا للعالم، انظروا الى هذا الشعب المتخلف الذي يقوم بهذه الافعال المنكرة ولا يتوقف عنها.
وفي هذا السياق، لا بد ان نؤكد ان كثيراً من اصحاب النوايا الطيبة بذلوا كل جهد ممكن، وعلى رأسهم السفير الفلسطيني اشرف دبور وامين السر فتحي ابو العردات واللواء منير المقدح وكثير غيرهم، ولكن هذه الفئة التي لا تخضع ولا تنفذ القرارات يجب ان توضع عند حدها، وألا تجر الجميع الى هذه الفوضى الجاهلية والدمار الشامل.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انفجار المرفأ:
لا بد من اخراج التحقيق من النفق الذي ادخل فيه، وهو التسييس الهادف الى الفتنة، واتبنى قول من قال، ان مهمة (طارق البيطار) تشبه مهمة (باص عين الرمانة)، الذي كان شرارة فتنة الحرب الاهلية، ينبغي ان ترفع يد السياسيين المنحازين الى الاميركي والصهيوني عن التحقيق وان يسير التحقيق بشكل سليم بعيدا عن هذا الانحراف الخطير.
الشيخ ماهر حمود: رابط فيديو: خطبة الجمعة: 4-8-2023: