عاشوراء باب للوحدة

   بسم الله الرحمن الرحيم

موقف سياسي أسبوعي: خطبة الجمعة:

بتاريخ 10 محرم 1445هـ الموافق له 28  تموز 2023م

عاشوراء باب للوحدة

ان اهم ما يمكن ان نذكره لنفهم عاشوراء ومقدماتها ونتائجها هو ان نربطها كأي حدث جلل بالقرآن الكريم، واننا نجد ان الآية (253) من سورة البقرة وهي قوله تعالى: ( تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَىٰ بَعْضٍ ۘ مِّنْهُم مَّن كَلَّمَ اللَّهُ ۖ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ ۚ وَآتَيْنَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّنَاتِ وَأَيَّدْنَاهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ ۗ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلَ الَّذِينَ مِن بَعْدِهِم مِّن بَعْدِ مَا جَاءَتْهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَلَٰكِنِ اخْتَلَفُوا فَمِنْهُم مَّنْ آمَنَ وَمِنْهُم مَّن كَفَرَ ۚ وَلَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا اقْتَتَلُوا وَلَٰكِنَّ اللَّهَ يَفْعَلُ مَا يُرِيدُ ).

مما يعني ان من سنن الله في خلقه ان يحصل خلاف بعد الانبياء، حتى يتم فرز الناس فيظهر الذين دخلوا في دين الله عن صدق ويقين ، وبين الذين دخلوا فيه لمصلحة او هدف آخر او خوف او غير ذلك.

وهذا ينطبق ، على معارك الجمل وصفين والنهروان، ثم عاشوراء، وينبغي هنا ان نؤكد ان السرد التاريخي لكل هذه المعارك الفاصلة في تاريخ الاسلام، متفق عليه بين المسلمين، بل ان المرجعية الرئيسية هي كتاب تاريخ الطبري ، وهو العالم السني المعروف، والخلاف ليس في السرد التاريخي ولكن في الاستنباط الفقهي العقدي.

وكما يقول الناس في المثل عن الفارق بين المتشائم والمتفائل، ان المتشائم يرى النصف الفارغ من الكوب، والمتفائل يرى النصف الملآن، وكذلك اي حديث واية مناسبة…

وفي هذا الاتجاه يمكن لاحياء ذكرى الامام الحسين عليه السلام ان تكون باباً للفتنة ولزيادة الخلاف بين المسلمين، كما يمكن لها ان تكون باباً للبحث عن المساحات المشتركة والقيم التي رسخها الدين الاسلامي، والتي تتجاوز الخلافات المذهبية مهما كانت عميقة او قاسية، ويمكن في هذا الامر ان نتحدث عن نقاط:

اولا: شخصية الامام الحسين ومكانته في الاسلام ليست موضع نقاش بين المسلمين فهو مع اخيه سيدا شباب اهل الجنة، وان الله ختم له بعمل جليل مقدر وهو الوقوف في وجه الظالم.

ثانياً: ليس لشخصية يزيد بن معاوية اية قيمة في الميزان الديني ، تماماً كما في الميزان الدنيوي، فلم يكن ممارساً للدين الحنيف من جهة، كما لم يكن حاكماً ناجحاً يؤدي دوره كما ينبغي، وثمة فارق كبير بين الشخصين، يزيد ووالده معاوية، الذي كان يتمتع بقدرة مميزة على القيادة، ولكنه من جهة اخرى مارس مخالفات شرعية كبيرة وانتهك كثيراً من المسلمات الشرعية الكبيرة والانتهاكات التي حصلت في عهده.

ثالثاً: ان العقود الاربعة الاخيرة حملت متغيرات حقيقية على صعيد دور السنة والشيعة في العالم، ينبغي ان تؤخذ بعين الاعتبار.

رابعاً: ان الجهة “النافذة” التي تشرف على مجالس عاشوراء، تتمتع بوعي سياسي مميز، جعلها توجه مجالس احياء عاشوراء الى مدرسة حقيقية يتخرج منها المجاهدون والمقاومون في وجه اسرائيل والاستكبار، وهم الذين يبلون البلاء الحسن، ويؤدون دوراً رائداً لا يماثله شيء على ساحة الامة الاسلامية.

خامساً: ان الخوض في جدال فقهي وعقدي لمحاولة تقريب المذاهب الاسلامية.، اثبت انه طريق مسدود، وعلينا ان نبحث عن المشتركات وتأجيل الخوض فيما لا يمكن الوصول فيه الى نتيجة.

سادساً: اننا نرى ان فقه السنة وفهمهم العام للاسلام، اعمق واقوى من كافة المذاهب، ولكن المشكلة ليست في النظرية، المشكلة في التطبيق، فليس ثمة جهة واحدة في العالم، سواء على مستوى الدول او الاحزاب او الجهات التي تدعي انتسابها لهذا الفقه ولهذه العقيدة، تضع الفقه “السني” موضع التطبيق، فيما اخواننا يطبقون الجزء المتعلق بالجهاد والمقاومة، وهو جزء متفق عليه، مستنطب من القرآن الكريم ومفاهيم الاسلام المجمع عليها، انهم يطبقون هذا الجزء افضل تطبيق، ومن هنا حصل هذا الفارق الكبير بين السنة والشيعة خلال العقود الاخيرة.

سابعاً: ان القرار العام للامة، ليس بين العلماء الواعين، بل انه بيد اصحاب القرار السياسي المرتبط بشكل او بآخر بالاميركي او غيره من دول الغرب، وصولاً الى الصهيوني.

ثامناً: ان العامة في الشأن المذهبي اقوى من العلماء، وبالتالي فان من حاولوا ويحاولون الاصلاح المذهبي يتعرضون لابشع حملات الاتهام والتشويه، في الساحتين السنية والشيعية.

ونكتفي بمثل الامام الشافعي الذي كاد يقتل في هذا الصدد، ايام هارون الرشيد، وهو القائل:

إن كان رفضاً حب آل محمد         فليشهد الثقلان أني رافضي

تاسعاً: لا بد ان تحمل سنوات القادمة، بحول الله تعالى، ما تتغير به الاحوال نحو الافضل، خاصة على صعيد العمل الاسلامي.

رابط فيديو: خطبة الجمعة: 28-7-2023: https://youtu.be/PkQ62VC9jUA