بسم الله الرحمن الرحيم
مصطفى الزعتري، أستاذ جيل
بقلم الشيخ ماهر حمود
لم يكن مجرد مدير ثانوية ناجح، كان نموذجا مميزا، حاول الكثيرون تقليده واللحاق به، ولكنهم في الغالبية لم يفلحوا، لقد كان صارما بهدوء، حازما برحمة، يمزج بين مفاهيم التربية والادارة بالقدر الذي يجعله إداريا ناجحا، ومربيا مميزا…
ثلاث سنوات دراسية، من نهاية 1968 حتى حزيران 1971، عبارة عن الصفوف الثانوية الثلاثة التي قضيتها في ثانوية صيدا الرسمية للصبيان- عين الحلوة، والتي أصبحت فيما بعد، وبكل جدارة وكما يسميها الجميع، ثانوية الزعتري، كان الطالب يشعر أنه ينتمي إلى مؤسسة، إلى جامعة، إلى صرح تربوي مميز، بل إلى بؤرة نشاط متعدد، ما بين المعارض الفنية، والمسرحيات الهادفة، والمحاضرات المتنوعة، والمختبرات المؤهلة، والنشاطات الرياضية، ووسائل الإيضاح المتطورة، (على سبيل المثال استقبلنا بدعوة من رابطة طلاب الثانوية محاضرين على مستوى السيد موسى الصدر والشاعر سعيد عقل)، كل ذلك في ساحة جغرافية واسعة تحتوي على ملاعب ومختبرات وجنائن وأشجار باسقة… وقدر لهذا الصرح طاقم تعليمي راق ومتفوق في كل المجالات والعلوم… الملعب الشمالي، حيث تقف السيارات، كان معرضا للسيارات الحديثة والمتنوعة: نعم لقد كان الأستاذ الثانوي في تلك الأيام قادرا على أن يشتري سيارة من “الشركة”، كما كان يقال… قصدت في ذلك أن نجاحه أيضا كان مرتبطا بوضع اقتصادي واجتماعي وسياسي مختلف عما نحن عليه الآن، وقد تغير الوضع كثيرا، ساعدته الظروف، نعم، ولكنه نجح في كل المجالات التي ترأسها فيما بعد، جمعية المقاصد، ومؤسسة الحريري وعمله في اليونيسكو، ولكن نجاحه لم يكن بسبب الظروف بالتأكيد، بل ساعدته تلك الظروف.
ثم أصبحت مدرسا في نفس المدرسة، وخَبرتُ إدارته المميزة أيضا، وحتى عندما غادرها ظل طيفه في كل زاوية من زوايا هذا لصرح المميز.
وحتى لا نغمط الاخرين، قضينا في “التكميلية” أياما مهمة بإدارة الأستاذ أحمد أبو علفا رحمه الله، وفي الابتدائي أياما لطيفة بإدارة والدي الاستاذ محيي الدين حمود رحمه الله هذه المدرسة (مدرسة قناية صيدا الرسمية) الغيت في العام 1967، وضمت إلى التكميلية، ولكن يبقى مصطفى الزعتري مميزا.
لقد ازداد احترامي له عندما لم يرغب بتجديد ولايته في رئاسة جمعية المقاصد الخيرية في العام 1998، عندما سألته عن السبب أجاب بكل وضوح، فيما كان البعض يعتبر ذلك السبب محرجا، فيما لم يكن محرجا بالنسبة إليه على الإطلاق.
ثم ازدادت العلاقة بيننا بالنسب بعدما تزوج د. أحمد من ابنة ابن عمي الدكتور غسان السيدة ديانا… فكانت علاقة طيبة تزداد طيبا.
إذا ذكرت شخصيات صيدا، بل لبنان، المميزة، لا بد أن يذكر الأستاذ مصطفى الزعتري في لائحة المميزين الذين ساهموا في إعطاء لبنان دورا مميزا.
رحمه الله وأجزل ثوابه…