بسم الله الرحمن الرحيم
موقف سياسي أسبوعي: خطبة الجمعة:
بتاريخ 9 رمضان 1444هـ الموافق له 31 اذار 2023م
بين الغبن والخوف
اعادت الفتنة المفتعلة التي تلت قصة تأخير التوقيت الصيفي الى الاذهان، ما كان اللبنانيون يتحدثون عنه في اوائل الحرب الاهلية، من ان المسيحيين يتحدثون من عقدة الخوف، فيما المسلمون يعانون من عقدة الغبن، نقول : صحيح ان قرار الرئيسين بري وميقاتي كان خطأ ادارياً وقانونياً، حيث كان ينبغي ان يخرج قرار تأخير التوقيت الصيفي بقرار من مجلس الوزراء، لا من رئيس مجلس الوزراء، وقبل وقت كاف من الزمن، نعم هذا خطأ، ولكن ردة الفعل من الجهات التي تدعي تمثيل المسيحيين كان خطيئة بل خطايا، تصيب مبدأ التعايش والسلم الاهلي في الصميم، فلم يكن الامر بحاجة الى هذا الحجم من التصعيد، واعتبار ان تأخير التوقيت بسبب صيام المسلمين يهدد لبنان وانتماءه … الخ، اوهام كبيرة غير مبررة على الاطلاق، تؤكد ان النفوس ليست نظيفة وان ثمة افكاراً خطيرة تهدد الكيان اللبناني وتطرق باب الفدرلة والتقسيم دون سبب مقنع.
سيبقى المسلمون، رغم كل ما تعانيه قياداتهم من اخطاء وانحرافات، سيظلون (ام الصبي)، الحريصين على وحدة الكيان اللبناني وسيظلون اصحاب السيادة الحقيقي، فيما شعار السيادة عند الآخرين يعني مباشرة الترحيب بالتدخل الاميركي، بل بالتبعية لاميركا ومن معها، في مواجهة المقاومة وبطولاتها وما قدمته للبنان وللامة.
سيتم تجاوز هذه الازمة بكل الموبقات التي افرزتها، ولكن ينبغي ان تبقى درساً حقيقياً لمن يريد لبنان حراً سيداً مستقلاً عزيزاً في الواقع وليس بالشعارات الكاذبة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
نوجه التحية للمعتكفين الابطال في المسجد الاقصى، الذين يشكلون باعتكافهم، رأس حربة الامة في مواجهة الصهينة والامركة والاسرلة، وسيبقى هؤلاء الابطال هم النموذج الذي ينبغي ان يقتدي به شبابنا، هذا الجيل الذي تحول الى مدرسة حقيقية يتخرج منها الابطال، وهذا هوالسبيل الوحيد للتحرير.
كما نوجه التحية للمحتفلين بيوم الارض لما يتضمن هذا الاحتفال من بر بمن سبق من الشهداء حتى لو مر على هذه المناسبة عليهم 47 سنة ، كما يؤكد وحدة الصف الفلسطيني باعتبار ان القرى التي انتفضت في وجه الاحتلال عام 1976 (سخنين ، عرابة و دير حنا) ، هي قرى تقطنها اكثرية مسيحية، للتأكيد على اهمية وحدة الشعب الفلسطيني على اختلاف انتماءاته في وجه الاحتلال، على عكس ما نراه في لبنان، للاسف الشديد، من انقسام طائفي تتحرك فيه الغرائز لاسباب تافهة.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بر الوالدين واجب شرعي يأتي مباشرة بعد عبادة الله التي هي سبب وجود الحياة، (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ ) (الذاريات – 56)، وبالتالي فان اربع آيات كريمة تأمر ببر الوالدين مباشرة بعد الامر بالعبادة، ( وَقَضَىٰ رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا …) (الاسراء – 23) ، مما يؤكد اهمية هذا الامر، ويحق لنا ان نقول ان مجتمعاتنا ورغم عدم وصول المستوى العام للتدين الى الحد المطلوب، ولكن العلاقات العائلية في مجتمعاتنا تبقى افضل بدرجات من العلاقات الاسرية في اوروبا واميركا وسائر العالم الغربي.
ويبقى ان قمة البرّ برزت مؤخراً من علاقة الاباء والامهات بأبنائهم الشهداء، بحيث شكلت هذه العلاقة المثالية نموذجاً يجعلنا نحلم بأفضل مستقبل للامة، في ظل هذه التضحية والاقدام بمقاييس تقارب ما كان عليه حواريو الانبياء والصحابة الكرام.
رابط فيديو: خطبة الجمعة: 31-3-2023: https://youtu.be/pkmnXfwJsis