نابلس !

   بسم الله الرحمن الرحيم

موقف سياسي أسبوعي: خطبة الجمعة:

بتاريخ 4 شعبان 1444هـ الموافق له 24 شباط 2023م

نابلس !

عندما يستشهد في نابلس خيرة شباب الامة، احد عشر شهيداً، بينهم على الاقل ست شباب من المجاهدين الابطال، ممن عاهدوا الله على الموت في سبيل الله، يوصي بعضهم بعضاً أن يُزفّ أحدهم في جنازته كما زف الشهيد ابراهيم النابلسي، زفته امه بالزغاريد، فاصبحت مثلاً ونموذجاً يحتذى، عندما يستشهد مثل هؤلاء الشباب الذين اعد لهم العدو الصهيوني فرقاً كاملة من الجيش وطائرات هليكوبتر واخرى مسيرة، وفريقاً من المستعربين يدخلون الى نابلس متنكرين بثياب مدنية تخفي تحتها السلاح … الخ، كل هذا الجهد المدعوم بأحدث الآلات المتطورة والقصف الدقيق لاغتيال هؤلاء الشباب، بالميزان العسكري قد يقول البعض انتصروا، ولكن بالميزان الانساني والمعنوي هم منهزمون، فعندما يستطيع شباب في عمر الورود ان يؤرقوا الامن الاسرائيلي الى هذا المستوى فان ذلك يدل على خلل كبير بالتوزان لمصلحة شبابنا المجاهدين، لكن الانكى من كل ذلك، ذلك التنسيق الامني الخياني الذي يساهم في قتل خيرة ابناء الشعب الفلسطيني، ونتساءل بتعجب وحيرة: لماذا ينفذ هذا الجزء الاسوأ من اتفاقات اوسلو؟ فيما اسرائيل لم تنفذ شيئاً، فلا يزال العدو الصهيوني يتوسع بانشاء المستوطنات ولم يعط الصهيوني شيئاً، وقد تم الاعلان عن انهاء اوسلو منذ زمن، لماذا اذن يبقى هذا التنسيق الامني المجرم؟ هل ثمة من يعطينا جواباً؟… ماذا سيكون ثمن وقف التنسيق الامني؟ اقتحام المقاطعة؟ اغتيال القادة؟ اعادة الاحتلال؟ كل ذلك قد يكون ثمناً اقل كلفة من استشهاد ابطالنا المميزين هؤلاء…

اننا نؤكد ان الجهاد ماض، والمقاومة مستمرة، وان ليس ثمة قوة في الارض تستطيع ان تمنع مسيرة المقاومة، وصولاً الى تحقيق الوعد الالهي القاطع القادم قريباً باذن الله، ويساعدنا في هذا الفهم الآيات الاولى من سورة الاسراء، التي تتحدث عن علو وفساد بني اسرائيل، وصولا الى تتبير بنيانهم … الخ، لقد كثرت في هذا النص الافعال التي ينسبها رب العالمين الى نفسه: قضينا، بعثنا، رددنا، امددناكم، وجعلناكم، عدنا، وجعلنا، مما يؤكد أن ما يحدث في الصراع مع بني صهيون وساتمرار أمرٌ بيد الله وحده وليس بيد أحد آخر… الخ، الى جانب ادلة اخرى تؤكد ذلك، عدا عن التجربة البشرية الواضحة.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

اما في لبنان: فاننا ندين هذه الفوضى القضائية التي لم تحصل في التاريخ على ما يبدو، وندين بعض القضاة لتحيزهم السياسي الفاضح، وبعضهم حسن النية واضح الهدف ولكنه يخطيء في الاسلوب، وندين السلطة السياسية التي لا تنجز تعيينات مجلس القضاء الاعلى، لسبب طائفي بغيض، وندين تدخل السلطة التنفيذية في شؤون القضاء، ندين تعميم الرئيس ميقاتي ووزير الداخلية في هذا الصدد، وندين تعدي بعض القضاة على صلاحيات البعض الاخر، وندين تسابق القضاة على تقديم اوراق اعتماد لطلب شهادة حسن سلوك من الاميركي من خلال اطلاق سراح الموقوفين في ملف المرفأ مثلاً، ندين المصارف واصحابها، وندين من تلاعب بالوادائع، كما ندين اسلوب بعض المودعين اللا اخلاقي، باختصار ندين الجميع، وغير ذلك كثير.

ندين كل هؤلاء، فأين الذين يحملون لواء الاصلاح؟ واين الذين نستطيع ان نمتدحهم وان نعلق عليهم الآمال؟ في المشهد الحالي انهم غير موجودين، ونتمنى ان نجدهم في مكان ما قريباً، وان كان هذا الامر يبدو مستحيلاً في المشهد الراهن.

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

أما فيما يعني الزلزال نضيف الى الذي ذكرناه ان المؤمن عليه ان ينظر الى المصائب والكوارث مهما عظمت ومهما كانت الخسائر فادحة، ومهما كان الالم عميقاً بانها تحدث ضمن صفات رب العالمين واسمائه الحسنى، فهو الحكيم والرحيم والرؤوف والعليم … الخ، ولا بد ان ثمة حكمة بعيدة العمق قد لا نفهمها ولكننا نسلم لقدر رب العالمين ونؤكد ان ما يقدر الله هو الخير للبشرية، ولا بد ان يأتي يوم يفهم الانسان حكمة الله من الاقدار التي تحصل معنا.

رابط فيديو: خطبة الجمعة: 24-2-2023: https://youtu.be/qPptfhkbEj0