بسم الله الرحمن الرحيم
موقف سياسي أسبوعي: خطبة الجمعة:
بتاريخ 11 ربيع الاول 1444هـ الموافق له 7 تشرين الاول 2022م
في ذكرى المولد النبوي الشريف: القرآن المهجور
في سورة الفرقان يصف تعالى سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم في مشهد من مشاهد يوم القيامة بقوله: “وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا“ (الفرقان 30)، وهل هذا ينطبق على يومنا هذا؟ المصحف يطبع ويوزع منه ملايين النسخ ويترجم الى كل لغات العالم، وتخصص لتلاوته فضائيات تبث التسجيلات على مدار الساعة، كما هو موجود على الهواتف، يسهل الاستماع اليه وتلاوته، وكذلك يتخرج آلاف الحفّاظ في كل أنحاء العالم بشكل دائم، ممن يتقنون اللغة العربية ومن غيرهم … الخ، فكيف يكون مهجوراً؟ هو مهجور الاحكام والاخلاق والتوجيهات الكبرى، هو مهجور من قبل الملوك والحكومات الذين طبّعوا واستسلموا للعدو الصهيوني وارتبطوا بالمؤامرات الاميركية القذرة على بلادنا وثرواتنا.
مهجور من قبل الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً، ونسوا او تناسوا أن الله ارادنا امة واحدة.
والقرآن الكريم مهجور من الامة بشكل عام: غزة المحاصرة، ولبنان وسوريا المطوقيْن بالقرارات الاميركية، الاطفال يقتلون في فلسطين، ولا يتكلم أحد ولا يصدر بيان استنكار واحد.
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
فيما أن الجهات المطبعة او المستسلمة تستطيع ان تستنكر، مثلا، قتل الاطفال واعتقال الشباب الفلسطينيين دون مسوّغ قانوني، واستنكار بناء المستوطنات على خلاف الاتفاقات الدولية، اي انهم يستطيعون ضمن الاتفاقات المعقودة، المدانة طبعاً، أن يُصدروا المواقف التي تبقي خيطاً رفيعاً يثبت انتماءهم للامة، الا انهم لا يفعلون، تخلوا حتى عن هذا الجزء الذي لا يتناقض مع ما التزموا به مع العدو ومع الاميركي…الخ.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ان تركيز بعض الجهات على حرمة الاحتفال بالمولد النبوي الشريف، باعتباره بدعة لم يحتفل بها الجيل الاول من المسلمين، يؤكد جهل هؤلاء بالشريعة السمحاء وبمقاصدها واهدافها، كما يؤكد انتقائية هؤلاء وانحرافهم عن الموازين الشرعية، بحيث لا يسألون عن موقف الشريعة الاسلامية من العلاقة مع الاميركي والصهيوني، ولا يسألون عن موقف الاسلام من العدوان على اليمن مثلا والانسياق في المشاريع الاميركية.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وتبقى، الله اعلم، نبوءة رسول الله صلى الله عليه وسلم ماثلة أمامنا: “لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله”، اننا لا نرى هذه الفئة الا الفئة المقاومة التي قرنت بين الالتزام بالعبادة بعقيدة التوحيد وبين المقاومة والتصدي للمستكبر ولمؤامراته، اما الآخرون الذين ارتضوا أن يكون دينهم عبادة فقط، هؤلاء جزء من الذين اتخذوا القرآن مهجوراً.
ومهما تراكمت المؤامرات وتوالت، فان القرآن سينتصر، بعز عزيز او بذل ذليل، بالامة كلها ان كتب الله لها أن تستيقظ وأن تقوم من سباتها، واما بالعدد القليل كما انتصر داوود عليه السلام بضربة حجر واحد.
نحن ننتظر الوعد القرآني القريب باذن الله (… وَلِيَدْخُلُوا الْمَسْجِدَ كَمَا دَخَلُوهُ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَلِيُتَبِّرُوا مَا عَلَوْا تَتْبِيرًا) ( الاسراء 7).
رابط فيديو: خطبة الجمعة: 7-10-2022: https://youtu.be/u81h8WktiwI