بسم الله الرحمن الرحيم
موقف سياسي أسبوعي: خطبة الجمعة:
بتاريخ 4 ربيع الاول 1444هـ الموافق له 30 ايلول 2022م
شهادة لله
بعد جدال مع الاصدقاء وتشاور مع الاحباب اخترنا أن نشهد شهادة الحق ولو كان مراً، ولو أنه سيجر علينا سيلاً من النقد الكاذب، تعودنا عليه ولم يزدنا الا تمسكاً بالحق الذي نحن عليه باذن الله، نقول في رحيل العلامة القرضاوي ما يلي:
اولا: العلم لا يقاس بالكمية فقط بل بالنوعية، وبما يتناسب مع مقاصد الشريعة واهداف الامة الاسلامية، ولقد كان القرضاوي، رحمه الله، حتى بداية العام 2007 يمثل كل الاهداف الاسلامية ويمارس اعلى درجات الواجب الملقى على عاتق العلماء: لقد قال للسيد حسن نصر الله عام 2004، على سبيل المثال، ما قاله الصحابة الكرام لرسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بدر: خض بنا هذا البحر لن يتخلف منا رجل واحد… الخ، وهنأ الرئيس الاسد بعد انتصار تموز، وقال له ستتكاثر عليك المؤامرات بعد هذا الانتصار العظيم …الخ.
ولكن مع بداية العام 2007 انحرف انحرافا شديدا وأصبح رأس حربة في الفتنة المذهبية، يكرر دون تحقق روايات اعداء المقاومة والاعلام الصهيوني والاميركي، وازداد انحرافه مع بداية الفتنة في سوريا، والتي فُضحت كل تفاصيلها بالوثائق الدامغة، وظل على موقفه المنحرف حتى وافته المنية.
ثانيا: المشكلة ليست في انحراف شخص ما، حتى لو كان عالما بحجم القرضاوي، الذي قد يتساوى بعلمه مع كبار ائمة الفقه، ولكن المشكلة في هذا الكم من العلماء والدعاة والكتّاب الذين لم يتجرؤا على انتقاد مواقفه او انهم وافقوه فعلا، بل وجهوا سهام النقد لمن ينتقده مما يدل على فشل الشعار الكبير (الاسلام هو الحل)، بالشكل الذي يطرحونه ويمارسونه، فلن يكون الاسلام حلاً ان كان “الاسلاميون” يحالفون الاميركي ويعتمدون عليه في الوصول الى الحكم وفي مواجهة “الطواغيت”.
لقد طرح “الاسلاميون” انفسهم بديلاً عن اليسار الفاشل والقومية الحالمة، وقالوا بثقة ويقين: نحن البديل عن هؤلاء جميعاً: فاذا بهم يمارسون نفس الممارسة ويقترفون نفس الاخطاء ويخلطون بين الحليف والصديق والعدو، فكانت هذه المواقف التي برزت مع ما سمي الربيع العربي الزائف، وظهر أن كثيراً من هؤلاء جزء من المؤامرة على سوريا والمقاومة.
ثالثا: لقد “التهمنا” كتب القرضاوي في بداية السبيعنات، وخاصة كتاب “الحلول المستوردة وكيف جنت على امتنا”، والتي انتقد فيها كل الحلول المطروحة غير الاسلام “الحركي”، فاذا به منذ العام 2011 يوافق ويدعم ويرجو من الاميركي زيادة الدعم ويناقض كل ما كتبه ونظّر له.
رابعا: الحق ليس بكثرة الاتباع ولقد كثرت الآيات في هذا الصدد، وكذلك التجارب، ولن يصبح الباطل حقا بكثرة الانصار، ولن يستطيع الضجيج أن يغير الحقائق الدامغة، ولا بد في النهاية أن يظهر الحق جلياً ويندحر الباطل.
خامسا: اذا اعتبرنا ان مثل هذا الانحراف هو اجتهاد ، فمعنى ذلك أن علينا أن نعتبر ان الفئة الباغية في صفين اجتهدت، خلافاً لما انبأنا اياه رسول الله صلى الله عليه وسلم، او أن ما فعله الحجاج، مثلاً، بالصحابة والعلماء هو اجتهاد، او أن ما فعله “الخلفاء” في المبالغة في اقتناء الجواري والمبالغة في الترف هو اجتهاد (!!!)، وكل هذا مرفوض في الميزان الشرعي الصحيح.
سادسا: شاء من شاء وغضب من غضب، نتوجه الى الله ونقول اللهم نبرأ اليك من مواقف القرضاوي، بعد انحرافه الذي بدأ في العام 2007، ونسأل الله ان يثبتنا على الاسلام وعلى المحجة البيضاء حتى نلاقي الله وهو راض عنا باذن الله.
رابط فيديو: خطبة الجمعة: 30-9-2022: https://youtu.be/yn6D_kX8Zzk