بسم الله الرحمن الرحيم
موقف سياسي أسبوعي: خطبة الجمعة:
بتاريخ 30 ذو الحجة 1443هـ الموافق له 29 تموز 2022م
مشكلة حزب الله
ما هي مشكلة حزب الله مع اعدائه واخصامه؟ المشكلة الاولى والرئيسية انه انتصر، وان انتصاراته المتعددة والمتنوعة وعلى مسافة اربعين عاما متتالية، ونيف، فضحت الضعفاء والمنهزمين، فضلا عن العملاء ومن يتمنون للعدو الاسرائيلي الانتصار الدائم والعلو على العرب والمسلمين… الخ، هذه مشكلته الرئيسية، وهذه مشكلة لا يتوفر لها حل على الاطلاق، فلا يمكن لهؤلاء ان يرضوا ويقبلوا بحزب الله وبالمقاومة الا بأن يهزم ويصبح مثلهم، وهذا لن يكون، ان شاء الله، وهذا الموقف يشبه وصفا لبعض اعداء الاسلام ورد في سورة النساء (وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوا فَتَكُونُونَ سَوَاءً ۖ فَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ أَوْلِيَاءَ حَتَّىٰ يُهَاجِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ۚ فَإِن تَوَلَّوْا فَخُذُوهُمْ وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ ۖ وَلَا تَتَّخِذُوا مِنْهُمْ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا )(89)… وهؤلاء يودون لحزب الله الهزيمة والفشل وهذا ما يبدو مستحيلا في الوقت الراهن والى ما شاء الله.
وبالتالي ان هذا الصنف من اعداء حزب الله لا يمكن ارضاؤه من جهة، كما انه غير موضوعي، وغير واقعي، ويخالف ابسط المبادئ الانسانية التي يرتكز عليها نجاح البشر، وهو الاعتراف للخصم بالنجاح رغم الكراهية المتبادلة، وهذا ايضا موجود في القرآن الكريم في مواضع كثيرة ومنها قوله تعالى من سورة المائدة (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُونُوا قَوَّامِينَ لِلَّهِ شُهَدَاءَ بِالْقِسْطِ ۖ وَلَا يَجْرِمَنَّكُمْ شَنَآنُ قَوْمٍ عَلَىٰ أَلَّا تَعْدِلُوا ۚ اعْدِلُوا هُوَ أَقْرَبُ لِلتَّقْوَىٰ ۖ وَاتَّقُوا اللَّهَ ۚ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ (8)).
والمشكلة الثانية هي مع الله وليست مع حزب الله: فثمة آيات كثيرة تؤكد ان النصر والتوفيق لا يكون الا بارادة الخالق العظيم، وبالتالي لم يصل حزب الله الى ما وصل اليه بقراره الذاتي بل بتوفيق من الله، حتى ان الله تعالى عندما تحدث عن النمرود وهو من جبابرة الارض العتاة قال: (آتاه الله الملك)، فكيف بمن كان يسير على منهج رباني وينفذ وعدا ربانيا.
وبالتالي هؤلاء وكأنهم يتوجهون الى الله قائلين لا نؤمن بحكمتك ولا بتدبيرك للكون ولا بقدرك… وعلى هذا علينا ان نتفكر مليا بالحكمة الربانية التي يحملها حزب الله الينا والوظيفة التي سخره الله لها: وهي باختصار ان الله توعد لبني اسرائيل بان يسخر لهم دائما من يسومهم سوء العذاب (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَن يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ ۗ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ ۖ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَّحِيمٌ (167) )(الاعراف).
وهذا دور حزب الله بعد ان تخلى الآخرون وضعفوا وانهزموا فكان حزب الله البديل وفق الآيات الكثيرة في هذا الموضوع، ويتحلى بالصفة الاهم (اذلة على المؤمنين…)، فهو بديل الهي وهذا ينسحب بالتأكيد على كافة المقاومين في فلسطين وفي غزة بشكل خاص، وحيثما وجد من يسوم العدو ذلاً ورعباً وتهديداً.
فماذا عن المستقبل: فلنتفكر في مرحلتنا كما هي لندرك المستقبل القريب والبعيد باذن الله، وفق المنظور القرآني المسلم به وعلى رأسه حتمية زوال اسرائيل، وسنتعب كثيرا في تخيل “السيناريو” الذي سيحكم المرحلة القادمة، ولا ضرورة لذلك، ولكن علينا ان نذّكر بالمبادئ التي ستحكم المرحلة القادمة الا وهي:
اولا: لا بد من زوال او ضعف “حبل الناس” الذي يستمد منه الكيان الصهيوني القوة، وطبعا هذا الحبل هو اميركا بشكل رئيسي، لا بد من شيء ما، يمنع اميركا من مد يد المساعدة الى اسرائيل، قد يكون هذا حرباً او كارثة طبيعية او اي شيء آخر.
ثانيا: لا بد من تأكيد الصورة التي عبر عنها سماحة السيد في المقابلة الاخيرة، ولطالما تحدثنا عنها:
الصهاينة في المطارات والموانيء والمعابر يحملون امتعتهم ويغادرون، لماذا نؤكد على ذلك، لاننا ذكرنا مرارا وتكرارا ان علامات “الذبح”، كما يسمونه هم بانفسهم معلومة لديهم، فعندما يرون علامات الذبحح سيفّرون او يختبئون، ولن يحمل السلاح الا فئة قليلة يتكلم عنها الحجر والشجر كما ورد في الحديث النبوي.
ثالثا: لا بد قبل هذا المشهد الاخير من حرب طاحنة، وحيدة، والله اعلم، تذوق خلالها اسرائيل طعم الهزيمة، كما انها لن تكون سهلة علينا، بل قد نتكبد فيها خسائر كثيرة ولكنها في عين العدو اكثر بكثير كما قال تعالى (وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ ۖ إِن تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ ۖ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ ۗ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا (104)) (النساء).
رابعا: لا بد من ان يحمل هذا الوعد الرباني فئة مؤمنة او فئات متجانسة كأنها جسد واحد وعلى قلب رجل واحد.
خامسا: اما هل تسيتيقظ الامة قبل هذا الموعد ام بعده؟ فهذا ما لا نملك له دليلا، ولكننا نرجح ان الوعي العام سيكون بعد هذا الوعد الرباني، وان الذين ينفذون هذا الوعد هم فئة قليلة على طريقة معركة سيدنا داوود عليه السلام في وجه جالوت، والله اعلم.
رابط فيديو: خطبة الجمعة: 29-7-2022: https://youtu.be/Pc9HU8acfY0