بسم الله الرحمن الرحيم
موقف سياسي أسبوعي: خطبة الجمعة:
بتاريخ 19 شوال 1443هـ الموافق له 20 ايار 2022م
اللبنانيون لا يقرأون؟
قالها (ديفيد شينكر – مساعد وزير الخارجية الاميركي لشؤون الشرق الأدنى السابق) بالفم الملآن قبيل يوم من الانتخابات: نحن صنعنا الازمة الاقتصادية في لبنان، نحن قررنا ان يجوع اللبنانيون، نحن نحارب المقاومة ونحاول اختراق جسدها … الخ، لو ان اللبنانيين يسمعون أو يقرأون لكنا في غنى عن كثير من الشعارات الكاذبة التي سبقت يوم الانتخابات، وعلى كل حال ينبغي ان يعاد رسم الخريطة بكل وضوح حتى يعدل من يشاء موقفه، ونتمنى ان يكون عند الجميع القدرة على الاعتراف بالخطأ:
أولاً: ان كل التحركات السياسية الكبيرة والصغيرة التي تحصل في المنطقة، هدفها أمن الكيان الصهيوني: نستطيع ان نجزم ان كل الانقلابات، وتنصيبب الملوك وعزلهم، وانشاء احزاب والغاء اخرى، ومنذ عقود من الزمن، كل ذلك هو من اجل تأمين الحماية للكيان الصهيوني وخاصة في العقود الاخيرة، من الحرب على العراق الى ما يسمى الربيع العربي الى الانتخابات في لبنان، وعندما تتضح الرؤيا يصبح الموقف صحيحاً سليماً.
ثانياً: لقد كان واضحاً أن هدف الانتخابات هو حصار المقاومة ومحاولة اختراق جسدها الرئيسي، ولقد انفق مالٌ كثير من أجل الترويج للشعارات الكاذبة: ازالة سلاح المقاومة، الاحتلال الايراني، السيادة، قرار الحرب والسلم …الخ، ونستطيع ان نقول أن هذه الشعارات هزمت ولم يستطع المجاهرون بعدائهم للمقاومة بكل وقاحة أن ينجحوا الا بحوالي اربعين مقعداً في احسن الاحوال، فيما ان المقاومة وحلفاءها يشكلون 62 مقعداً فضلاً عن اكثر من عشر نواب لا يخالفون المقاومة في القرارات الاستراتيجية الكبرى، وان كانوا يخالفونها في بعض ادائها الداخلي.
ثالثاً: ليس كل من نجح ممن يسمى حراكاً شعبياً هو ضد المقاومة، بل ثمة من يجاهر بدعمه للمقاومة بشكل واضح ومنهم من يطمئن المقاومة برسائل داخلية، وستؤكد الايام القادمة ما نقول..
رابعاً: سيبقى جعجع بالنسبة الينا العميل المجرم المحرض على كل شر، وآخر انجازاته التحريض على الرئيس الحريري، مما ادى الى اعتقال واهانته واستقالته في 4 تشرين الثاني في الرياض … الخ، ولا يغير ذلك حصوله على 19 مقعداً أو غير ذلك، وما كان ليحصل ذلك لولا الدعم السعودي المناقض لابسط المباديء الاسلامية والوطنية، فضلاً عن الدعم الاميركي الواضح.
لن يصبح جعجع مقبولاً عند الوطنيين بكل المقاييس الوطنية اللبنانية، لن يصبح مقبولا عندنا الا بأن يفعل كما فعل (اسعد الشفتري) اعترف بكل الجرائم التي ارتكبها ودل على بعض المقابر الجماعية… الخ.
ونحن في صيدا لا يمكن أن تمحى من اذهاننا ذكرى حرب شرق صيدا 1985، التي لم يكن فيها اي مصلحة للمسيحيين ولو بنسبة احتمال واحد بالالف، لقد كان لمصلحة اسرائيلية محضة، ومع ذلك انسحب الاسرائيلي دون ان يحسب اي حساب لعميله الذي قاتل بالنيابة عنهم… نحن لا نفتح دفاتر التاريخ، وهذا ليس تاريخاً، فلم يكشف النقاب بعد عن المخطوفين والمفقودين ولم يعترف بعمالته وأخطائه.
نعم ندين الذين تحالفوا معه في صيدا، خاصة ان نائباً على الاقل من نائبين في جزين من القوات اللبنانية نجح بالحواصل الصيداوية، لن تسامح صيدا هؤلاء ابداً.
خامساً: لقد قلنا قبل الانتخابات اثر الاحتفال الانتخابي الهائل في بعلبك ورياق ومشغرة، والذي شبهه المراقبون بالبحر، لقد قلنا ان هذا الجمهور يتكامل مع جمهور المشيعين الذين غصت بهم شوارع القدس في تشييع الشهيدة شيرين ابو عاقلة، فالمقاومة واحدة من لبنان الى فلسطين، هذا جمهور واحد، وبالتالي فان انتصار المقاومة في الانتخابات في لبنان يتكامل مع انتصارات محور المقاومة في فلسطين وسوريا والعراق واليمن وغيرها.
سادساً: لم يكن احد بحاجة لرفع شعارات وهمية لكي ينجح في صيدا، فليس التدخل الايراني في لبنان، هذا ان وُجد، مساوياً للتدخل الاميركي الوقح، ومن يساوي بينهما يستخف بعقول المواطنين، كما ان مواجهة الفساد ليست اولوية طالما أن الهدف الرئيسي هو ضرب المقاومة، كمن يقول مثلاً لمن يوجه السلاح الى صدره: مهلاً مهلاً عليّ أن أغيّر القميص، أو عليّ أن أكل قبل ان تقتلني، هل كان على المقاومة ان تحارب الفساد في حين انها تدافع عن وجودها، ليست المقاومة حليفة للفساد، ولكن ثمة أولويات ينبغي احترامها، هذا ان كنا نرى الامور كما هي، وان اي شيء يؤثر على وحدة الصف الداخلي سيؤثر على وجود المقاومة وادائها، فيما ان كل الشعارات الاميركية والداخلية تؤكد ان الهدف ضرب المقاومة، فضلا عما أفصح عنه شينكر وقبله هيل وقبله بومبيو … الخ.
لم يكن ثمة حاجة لهذه الشعارات فيما ان النتيجة كانت محسومة لأي مطلع خبير، ونتمنى أن تكون هذه الاخطاء – الخطايا مرحلية انقضت وظهر زيفها.
سابعاً: لقد دحرت المؤامرة على المقاومة، بل حتى على حلفاء المقاومة، فبالرغم من كل الشتائم التي وجهت لجبران باسيل في الساحات، ورغم العقوبات الاميركية الظالمة المسيسة، ورغم اخطائه اليومية الهائلة ومواقفه السيئة، ورغم اخطاء رئيس الجمهورية وما وصلت اليه الاوضاع في لبنان خلال عهده، استطاع التيار الوطني الحر ان يؤمن مع حلفائه 21 مقعداً، خسر في جزين وربح في المتن وعكار وغيرهما، لقد كانت مفاجأة لكل المراقبين.
لقد ذهب الانفاق السعودي والتدخل الاميركي ادراج الرياح، ولم يؤد دوره المطلوب ، هذا مع العلم انه لولا هذا المال وهذا التدخل السافر لكانت النتائج مغايرة تماماً.
رابط فيديو: خطبة الجمعة: 20-5-2022: https://youtu.be/xl0pHTC-_ro