يوم القدس من جديد !!!

بسم الله الرحمن الرحيم
موقف سياسي أسبوعي: خطبة الجمعة:

بتاريخ 28  رمضان 1443هـ الموافق له 29  نيسان 2022م

يوم القدس من جديد !!!

لقد كان أهل القدس ومنذ أجيال، يتعاملون مع آخر يوم جمعة من شهر الصيام تعاملاً خاصاً، يأتون اليه من كل مكان ويعتكفون فيه من مساء الخميس الى ما بعد صلاة الجمعة، تعظيماً لهذا اليوم في هذه البقعة المباركة، وجاء بعد ذلك وتحديداً في اب من العام 1979 اعلان يوم القدس العالمي، من قبل الامام الخميني رحمه الله وبُعَيْد انتصار ثورته المميزة، ليصبح شهر رمضان اليوم، وخاصة هذه السنة، والسنة الفائتة كله ايام قدس يقدم فيه الفلسطينيون وأهل القدس خاصة نماذج عالية من التضحيات والبطولات عز مثلها وندر مثيلها.

ولا بد لنا ان نؤكد بطولة أهلنا في فلسطين وقدرتهم الفائقة على الصمود والتصدي، ولا بد أن نعطي فكرة اعلان يوم القدس العالمي حقه لنقول أنه تميز بعدة امور:

أولاً: ان اعلان يوم القدس العالمي من قبل الامام الخميني ترافق مع دعم حقيقي ومميز ومستمر لجهاد ومقاومة وصمود أهلنا في فلسطين، ولكل من يواجه الصهيونية ومن يدعمها، وهو دعم ومتواصل لم يتوقف رغم الحروب المتعددة الاشكال التي عانت منها الجمهورية الاسلامية.

ان شعارات الملوك والحكام والحكومات في كل عالمنا العربي والاسلامي، كانت دائماً تعظم فلسطين وقضيتها ولكنها لم تكن الا للاستهلاك المحلي، ولذر الرماد الصهيوني، أما شعار يوم القدس فكان دائماً ولا يزال مترافقاً مع دعم حقيقي ومستمر.

ثانياً: لقد استطاعت المؤامرة ولفترة طويلة، وعلى ساحات واسعة من العالم الاسلامي أن تخلق رأياً عاماً معارضاً بشدة للجمهورية الاسلامية بكافة شعاراتها بحجة الخلاف المذهبي، فيما ان الواقع يقول ان الموضوع المذهبي ليس السبب الحقيقي لهذه العداوة المصطنعة، انما هو الانخراط الكامل بالمؤامرة الاميركية ودفاعاً عن مصالح وسياسة الاستكبار الاميركي، عداوة مصطنعة، غلفوها بالحرص على مذهب اهل السنة والجماعة كذباً وزوراً.

قليل من هؤلاء صادقون ينطلقون من خوفهم على النموذج الاسلامي الذي يرونه الاصلح والانسب، ولكن الاكثرية الساحقة يعلمون أنهم مُستخدمون ومُستأجرون من قبل المشروع الاميركي المتماهي مع المشروع الصهيوني والاحتلال الاسرائيلي، سواء علموا ذلك أم انكروا.

ثالثاً: يصبح هذا الشعار أشد اهمية عندما نراقب العالم الاسلامي وخلال ثلاث واربعين عاماً، فلا نرى أي تجربة اسلامية او وطنية يمكن ان تكون بديلاً عن هذه الثورة والتزاماتها، بل نجد ان تجارب تزعم انها اسلامية زادت من تشويه العالم الاسلامي والشعارات الاسلامية، كالدواعش والقاعدة وسواهما، وكذلك تلك الجهات التي ترفع لواء الاسلام وتتوسل للوصول الى الحكم “بالتعاون” مع اميركا وأمثالها.

رابعاً: ان الذين ينطلقون من هاجس الحفاظ على مذهب أهل السنة والجماعة في معارضتهم الحادة للمشروع الايراني، ينبغي ان يكونوا متأكدين ان مذهب اهل السنة والجماعة قادر على ان يثبت نفسه بالادلة الفقهية الدامغة، ولا ينبغي ان نكون خائفين على مذهبنا، ان كنا نثق حقاً فيما نحمل من عقيدة وفقه، وان لغة الشتائم والسياسات واطلاق الاتهامات الباطلة وتبني الاكاذيب، فيما أنت تزعم أنك تدافع عن الحق، تسيء الى اهل الحق وتقوي الخصم حتى لو كان على خطأ.

خامساً: ان امراً غير عادي حصل خلال هذه العقود الاربعة، فليس صدفة ان تخرج مصر اكبر الدول العربية من الصراع العربي الصهيوني – كما يسمى – في نفس الوقت الذي تدخل فيه ايران، لنتذكر جميعاً تعالى:  (… وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ…) (محمد 38)

سادساً: في حال قامت جهة اخرى في عالمنا الاسلامي بالقيام بنفس الدور الذي تقوم به ايران في دعم المقاومة وتثبيت اقدامها سيكون لنا كلام آخر، بل اننا متأكدون من الآن أن الخريطة السياسية والاسلامية للعالم الاسلامي ستأخذ شكلاً أخر وتأخذ الأمور حجمها الطبيعي.

سابعاً: ان اخصامنا هم أهل التطبيع والخيانة والتخلف، واننا نزداد فخراً بانتمائنا الى محور المقاومة، رغم كل الاتهامات الباطلة التي تحاول ان تحاصرنا، وعندما نرى أن أخصامنا يحاولون – مثلاً – أن يجعلوا العميل المخضرم، سمير جعجع، زعيماً علينا، نزداد ثقة بأننا على الحق، وأن أخصامنا اقزام لا يلبث التاريخ أن يفضحهم وأن يلفظهم.

ثامناً: نؤكد مرة اخرى أن الحق لا يتعلق بكثرة الاتباع، محمد صلى الله عليه وسلم هو النبي حقاً وصدقاً عندما كان أتباعه لا يتجاوز عددهم عدد اصابع اليدين، وهو نفسه عندما خطب في حجة الوداع في مائة وعشرين الف صحابي، وعندما أصبح العالم كله يلهج باسمه ويصلي عليه… هذا هو الحق ولن يتغير بكثرة المؤامرات ولا كثرة المضللين ولا بخيانة الخائنين واستسلام المستسلمين وقذارة المطبعين.

رابط فيديو: خطبة الجمعة: 29-4-2022: https://youtu.be/f_qOH38LGW8