الأقل سوءاَ ؟

بسم الله الرحمن الرحيم


موقف سياسي أسبوعي: خطبة الجمعة:

بتاريخ 29 شعبان 1443هـ الموافق له 1 نيسان 2022م

الأقل سوءاَ ؟

نتوجه بالتهنئة الحارة لكافة اللبنانيين وللمسلمين خاصة، بحلول الشهر الكريم، وندعو الجميع الى التعاون والتآزر في ظل هذا الشهر الكريم، وأن يغدق الأغنياء على الفقراء وأن يرحم الأقوياء الضعفاء، وأن ننتهز فرص شهر الخير الكثيرة لنغلق ثغرات مؤلمة في مجتمعنا الصابر… كل عام وانتم بخير.

ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

في هذه الانتخابات، لا نبحث عن الأفضل، ولا نعلق آمالاً كبيرة على نتائج هذه الانتخابات، فليس ثمة ما يجعلنا نعلق آمالا على المجلس النيابي القادم، في حال تم انتخابه، ولقد ذكرنا في الاسبوع الماضي عدداً من الاسباب التي تقلل من أهمية هذه الانتخابات، ونذكر منها:

أولاً: لقد تم بارادة خارجية، بغض النظر عن الوقائع والحقائق، وبغض النظر عن الاسباب، لقد تم بارادة خارجية الغاء اصوات حوالي خمس اللبنانيين أو أكثر من ذلك، وهي اصوات المنتسبين والمؤيدين لتيار المستقبل، ولقد سبق وكررنا، اننا لم نكن يوماً من المؤيدين لتيار المستقبل، ولكننا لا نرضى لأي فريق سياسي ان يُلغى بقرار خارجي ولاسباب خارجية أيضاً، لقد احدث الالغاء “العدواني” خللاً حقيقياً في التمثيل النيابي، وان اسوأ ما في الامر، أن ما من جهة لبنانية وازنة تتحدث بصراحة عن سبب “عزوف” الرئيس الحريري وتياره عن الانتخابات

ثانياً: ان حجم الانفاق الأميركي والغربي في الساحة اللبنانية يضرب في الصميم فكرة الناخبين وصحة التمثيل:

لقد جعلت كثيراً من الجهات شعارها الرئيسي محاربة حزب الله، ونزع سلاح المقاومة، بطريقة مفتعلة سمجة، مضحكة مبكية في آن واحد، ولا يخفى على المتابعين اثر هذه “الرشوة” الباهظة التي قد تحدث خللاً حقيقاً في التمثيل النيابي.

ان الجهات الامنبة اللبنانية يمكن ان تلقي القبض على راشٍ يعطي ناخباً مبلغاً متواضعاً عند باب قلم الاقتراع او في اي مكان آخر، ولكنها لا تستطيع، وليست في صدد أن تحاسب الجهات التي تتلقى المال الوفير من اعداء المقاومة بشكل مباشر او غير مباشر، فضلاً عن أنها لا تستطيع ان تحاسب السفارات والجهات الخارجية المتورطة في هذا الانفاق الهائل.

ثالثاً: الاوضاع الاقتصادية الضاغطة على اللبنانيين، مما يضاعف تأثير “التدخل” المالي في الانتخابات، تصبح مثلاً، حاجة الناخب اكثر الحاحاً لمبلغ ولو بسيط لمواجهة الاوضاع الاقتصادية الضاغطة.

رابعاً: ثمة احداث عالمية استثنائية يمكن ان تؤسس لخريطة عالمية جديدة، وبالتالي مهما استطاعت السياسة الاميركية ان تحقق من مكاسب من خلال انتخابات ممولة جيدا، فقد تحدث الحرب في اوكرانيا خللاً كبيراً في الموازين الدولية والاقليمية التي تؤثر على لبنان والقوى الفاعلة فيه.

والمثل على ذلك “استجداء” أميركا للنفط من فنزويلا، الخصم الشرس والتاريخي للسياسة الاميركية في اميركا الجنوبية، ومحاولة “بوتين” استبدال العملة العالمية (الدولار) بالروبل الروسي، وهي محاولة لو قُدّر لها النجاح، على صعوبة ذلك، تهدد النفوذ الاميركي في العالم كله.

خامساً: الاحداث في فلسطين تتسارع، وقد تؤدي الى نشوب حرب حقيقية في المنطقة بشكل عام، مما يهدد فكرة الانتخابات بشكل جذري.

سادساً: شعور المواطن اللبناني ان القوى التي طرحت نفسها قوى تغييرية لم تكسب، ولو قليلاً، ثقة المواطن اللبناني الذي يقول باختصار ان الطبقة السياسية الفاسدة  التي سببت لنا كل هذه الازمات مرتبطة بجهات دولية نافذة، فيما من يطرح نفسه مصلحاً لا يستطيع بسهولة ان يثبت انه مستقيم قادر على ان يكون البديل، مما يجعل اقبال المواطنين على الاقتراع محدوداً… نعم الجزء الأكبر من الطبقة السياسية متورطون في فساد هائل، ولكن ليس البديل بعض المراهقين والمتسلقين.

سابعاً: ثمة عامل مهم ايضاً: هل سيقدم تيار المستقبل وانصاره على انتخاب شخصيات بديلة مثلا؟ أم هل سيقترعون بورقة بيضاء؟ هل يسمح لهم بذلك؟ سيختلف الرقم في بعض الدوائر الذي يشكل “الحاصل” للوائح، في حال اقترع جمهور المستقبل بورقة بيضاء، أم أنهم سيقاطعون بشكل عام ، مما سيؤثر على عدد الناخبين وعلى رقم “الحواصل”.

موقفنا:

ضمن هذه “الخريطة” السياسية المتشابكة، موقفنا البحث عن الأقل سوءاً، وليس عن الأفضل، بمعنى اننا لا نعوّل على اية نتيحة ايجابية كبيرة، ولكننا نحاول أن نخفف ضرر بعض المتسلقين الذين يحاولون الاستفادة من “السخاء” الاميركي لتحقيق مكسب ما.

الذي يهمنا الاّ يكون المرشح عدواً حقيقياً للمقاومة، وألاّ يرفع شعاراً كاذباً مثل نزع سلاح المقاومة أو الاحتلال الايراني، ولا يعنينا كثيراً غير ذلك.

رابط فيديو: خطبة الجمعة: 1-4-2022: https://youtu.be/0OKnhkcQ2xc