العرب و الاعراب؟

بسم الله الرحمن الرحيم


موقف سياسي أسبوعي: خطبة الجمعة:

بتاريخ 30 ربيع الاول 1443هـ الموافق له 5 تشرين الثاني 2021م

العرب و الاعراب؟

ميز القرآن الكريم بين الاعراب والعرب، فبينما اختار الله تعالى لآخر الرسالات وآخر الكتب السماوية ان يكون باللغة العربية تأكيدا على اهمية هذه اللغة وريادتها، وعلى بعض أخلاق أهلها كالمرؤة والشجاعة والكرم، ادان الاعراب ووصفهم بأنهم اشد كفرا ونفاقا، واستثنى بعضهم مؤكدا ان الاعراب (سكان الصحراء)، غلاظ شداد لا يلتزمون الاخلاق المعروفة عند العرب وفي الامر تفصيل واسع.

ولكن عندما يتحدث اليوم السياسيون خلال ازمتنا الراهنة عن انهم يريدون للبنان ان يبقى في محيطه وحضنه العربي، فهم يكذبون: يريدوننا مع الاعراب وليس مع العرب… فعندما كانت العروبة تعني تحرير فلسطين ووحدة الامة العربية والعدالة الاجتماعية ومواجهة الصهيونية ومواجهة الخضوع للاجنبي، فهؤلاء انفسهم كانوا يتنصلون منها ويرجمونها ويهاجمونها، وعندما اصبحت العروبة تعني التطبيع والخضوع للسياسة الاميركية والاستسلام للمخططات الصهيونية وعبادة المال اصبحوا يدعون اليها وينتسبون لها، هذه عروبة ابي جهل وابي لهب وامثالهما، وليست عروبة محمد ولا آل بيته والصحابة ولا شرفاء العرب كعنترة وزهير بني ابي سلمى والسموأل وغيرهم كثير.

لقد كنا نعتبر سياسة الرئيس ميقاتي كانت موفقة حتى الامس، فهو يسير بين الالغام ويختار كلماته بدقة ويتجنب الانزلاقات الخطيرة، ولكن عندما اعتبر ان تصريح الوزير قرداحي يتوجه الى الشعبوية، ويفضّل المصلحة الخاصة على العامة، فانه اخطأ كثيرا:

الوزير قرداحي لم يقل الحقيقة كلها، قال انها حرب عبثية ولم يقل انها عداون وتدمير وجاهلية، لم يقل انها الحرب الصهيونية الاميركية يشنها السعودي بالنيابة عن اعداء الامة، فاما تخضعون لسياستنا ومؤامراتنا، واما ندمر بلادكم، كما حصل في سوريا وليبيا والعراق وغيرها.

وكذلك الوزير بو حبيب لم يقل الحقيقة كلها، ولكنه كان اقرب الى الحقيقة من الآخرين، واكد ان حزب الله والمقاومة جزء لا يتجزأ من الشعب اللبناني.

ولقد كان الاميركي – وللاسف – على رغم اجرامه وقبحه ومؤامراته اكثر رأفة بنا من السعودي، ففي العام 2006 وفي اليوم الخامس والعشرين من العدوان (على سبيل المثال) طلبت السعودية سحب وديعة المليار دولار التي كان الحريري رحمه الله قد اتى بها، فتدخلت اميركا وقالت ليس هذا الوقت المناسب، ثم قمنا بايفاء هذا الدين الثقيل، واليوم تريد السعودية اسقاط الحكومة التي انتظرناها حوالي العام حتى ولدت بصعوبة بالغة، فيما اميركا وفرنسا وسائر الغرب يطالبون بالحفاظ عليها وعدم اسقاطها، وكذلك الحرب على سوريا، فقد ابلغ الاميركي السعودية وجميع المشاركين في الحرب الظالمة على سوريا ، عام 2013، بأن هذا الاسلوب لن يسقط النظام ولم يحقق الاهداف المرجوة، فتنطح الامير سعود الفيصل وقتها بحدة قائلا: بل سنستمر في القتال، حتى تدمير سوريا… كما تريدون.

لو كان من يريد لنا الخضوع للسياسة السعودية الظالمة يتحدث عن ذلك من باب الضرورة لقلنا لا بأس، فالضرورات تبيح المحظورات، ولكنهم يتحدثون عن الامر وكأن الارزاق بيد السعودي والخليجي، وكأننا سنموت اذا انقطعت العلاقات، هذا افتراء على الله، فالارزاق من الله، والله هو الرزاق، ولن يترك الله عباده الصالحين طعاما للمجرمين والمترفين والمتهتكين.

لقد قال تعالى للمؤمنين عندما منع المشركين من الحج والعمرة ودخول البيت الحرام، فخاف اهل مكة من الفقر، قال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلَا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ إِنْ شَاءَ إِنَّ اللهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (28)} (سورة التوبة).

سنبقي باذن الله مع العروبة الحقيقية، مع جهاد اهل فلسطين وانفاق غزة وصواريخها، ومقاومة لبنان وممانعة سوريا، سنبقى مع العزة والكرامة والاسلام والجهاد، ولن نخضع للابتزاز، سيتكفل الله بالمعتدين والمجرمين والمزورين لدين الله والمزورين للعروبة… وان غدا لناظره قريب.

 

رابط فيديو: خطبة الجمعة: 5-11-2021:  https://youtu.be/y7tH3WpEbWY