بسم الله الرحمن الرحيم
موقف سياسي أسبوعي: خطبة الجمعة:
بتاريخ 23 ربيع الاول 1443هـ الموافق له 29 تشرين الاول 2021م
جذور الفتنة
ان دعوة الاسلام التي حملها الانبياء جميعا توجب اقامة العدل والميزان بين الناس: { لَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلَنَا بِالْبَيِّنَاتِ وَأَنْزَلْنَا مَعَهُمُ الْكِتَابَ وَالْمِيزَانَ لِيَقُومَ النَّاسُ بِالْقِسْطِ وَأَنْزَلْنَا الْحَدِيدَ فِيهِ بَأْسٌ شَدِيدٌ وَمَنَافِعُ لِلنَّاسِ وَلِيَعْلَمَ اللهُ مَنْ يَنْصُرُهُ وَرُسُلَهُ بِالْغَيْبِ إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ (25) } (سورة الحديد.)
ولو اقام المسلمون العدل كما امر الله تعالى لما احتاجت أية أقلية خلال القرون الماضية الى الاستعانة بالتدخل الغربي الذي أمنّه نظام القناصل في القرن التاسع عشر مثلا.
ولكن عندما يطلب مثلا الشيخ بيار الجميل عام 1951 مساعدة مادية من الصهاينة ليخوض الانتخابات النيابية امرمستهجن، حيث لم يكن هنالك مقاومة فلسطينية ولا دعوة للوحدة العربية ولا وهج لعبد الناصر ولا وجود لحزب الله، كيف يمكن ان نفسر ذلك؟.
والبحث عن جذور الفتنة كالحديث عن: البيضة قبل ام الدجاجة ؟ والسؤال هو: هل الاخطاء التي وقعت بها الجهات التي حكمت باسم الاسلام هي السبب؟ ام تعاون الجهات التي تزعم تمثيل الاقليات مع المستعمر هي السبب؟ ان جنوح بعض “الاقليات” للتعاون مع المستعمر او المحتل لم يكن له اي مبرر في اكثر الاحيان خلال التاريخ كله.
انها واحدة من معضلات الكيان اللبناني الذي تختلط به الحقائق بالاوهام، واهم هذه الحقائق ان الاسلام السليم هو في جذور تأسيس لبنان والحفاظ على الوجود المسيحي في لبنان وفي المنطقة، منذ فتوى الامام الاوزاعي في وجه الوالي العباسي في حوالي العام 136 هـ الموافق 754 ميلادية الى فتنة 1860 حيث قام عبد القادر الجزائري بدور اسلامي رائد بحماية المسيحيين، وصولا الى قبول المسلمين بدولة لبنان الكبير والتخلي عن الدولة العربية الكبرى التي وعد بها البريطانيون واخلفوا … الخ.
باسم الاسلام الحقيقي ندين اية اساءة للوجود المسيحي في الشرق من اي جهة اتى، ولكن الفرق التي تدعي تمثيل المسيحيين او الموارنة بشكل خاص، ثم تدعي حماية المسيحيين بالتعاون مع الصهاينة او مع الدول الكبرى المحتلة والظالمة تشوه العيش المشترك، كما تشوه الانتماء للاسلام كما للمسيحية، ان الاستعانة بالمستعمر او بالصهيوني جريمة مدانة، ندينها بنفس القوة التي ندين بها الظلم الواقع على اية فئة تعتبر من الاقليات.
حادثة الطيونة:
لقد اوضحت التحقيقات الاولى عن حادثة الطيونة، ان عناصر القوات اللبنانية قد حضّروا انفسهم ووزعوا سلاحا ومهمات على العناصر التي اتت من كل مكان استعدادا ليوم المظاهرة، فيما الاخطاء التي اقترفها المتظاهرون كانت تدل على عفوية وردة فعل غير مدروسة، استغلت تماما لاظهار مليشيا القوات وكأنها تدافع عن اهل عين الرمانة، والفارق كبير بين من حضر نفسه ووزع السلاح وبين تصرفات غير مسؤولة قام بها افراد دون توجيه من احد، بل هم قد خافلوا التعليمات التي زُودوا بها، وهي الحرص على ابقاء الطابع السلمي للمظاهرة.
ومع ذلك يحصل تشويه كبير للوقائع ويتحول المجرم العميل المقترف للفتنة، الى بطل يحصد الاصوات المفترضة ويتحول الى حام للمسيحيين زوراً وبهتاناً.
اليوم ما يفعله جعجع لا يعتبر بحال من الاحوال حماية للمسيحيين، بل هو مؤامرة عليهم، فهو يجرهم الى فتنة جديدة لمصالح غربية او عربية رجعية، ولن تكون مصلحة الموارنة الا بالعيش المشترك السلمي مع جيرانهم ومشاركة المسلمين في القضايا الكبرى وعلى رأسها فلسطين ومواجهة الصهيونية العالمية التي تثبت مرة بعد مرة انها تعادي المسيحيين كما تعادي المسلمين.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ان العدوان السعودي الاميركي على اليمن لا يمكن ان يتم تبريره بنص اسلامي او منطقي او حقوقي أم بأي عقل سليم، والمصيبة ان هذا العدوان المستمر على اليمن الذي سكت عنه العالم الذي يزعم انه حر، وشاركت فيه جهات متعددة تدعي الاسلام وصل الى ذروته عندما ادانوا كلام الوزير قرداحي الذي لم يقل الا حقا، كما ان الاميركي الذي دمر العراق بكذبه ليس صعبا عليه ان يخترع اكاذيب يستند عليها ليفرض عقوبات على اللواء جميل السيد.
لا بد لاهل الحق، اهل المقاومة والممانعة ان يكونوا مخلصين لرسالتهم السامية حتى ينتصر الحق على الباطل.
رابط فيديو: خطبة الجمعة: 29-10-2021: https://youtu.be/GAREmWTv4jA