بسم الله الرحمن الرحيم
موقف سياسي أسبوعي: خطبة الجمعة:
بتاريخ 24 صفر 1443هـ الموافق له 1 تشرين الاول 2021م
الظلم ظلمات
اننا نتحدث عن القضاء والعدالة باعتبار انها من أركان الشرائع والرسالات الربانية، فنرى في القرآن مثلا كيف علّم الله سيدنا داوود ان يستمع إلى الخصمين (في سورة ص) ثم علمه كيف يتم استئناف الحكم حتى ولو من ولده سليمان (سورة الأنبياء)، كما تحدث رسول الله صلى الله عليه وسلم عن (قاضٍ في الجنة وقاضيان في النار) تحذيرا للقضاة من الحكم بما يجهلون، أو بالحكم بعكس ما يعلمون… فقط القاضي الذي علم بحق وحكم بحق هو الناجي من النار، الخ…
كما برزت أسماء في تاريخ القضاء، منها القاضي شريح، يُضرب بها المثل، حيث علمنا استقلالية القضاء عن الحاكم بأفضل ما يمكن، كما يضرب المثل بكثير من القضاة الذين أثبتوا أن القضاء من أهم وأخطر المهمات الإنسانية وركن اساسي من أركان المجتمع.
وفي مقابل العدالة الظلم: والظلم ظلمات يوم القيامة، واشد الظلم هو الظلم المستتر، الذي يمارسه الظالم من خلف ستار ويوهم في نفس الوقت من يظلمهم بأنه المنصف الاكبر والعادل الاوحد، وانه الذي يريد مصلحتهم دون غيره.
هذا ما ينطبق على اهالي ضحايا المرفأ، فلقد ظُلموا في المرة الاولى بموت احبابهم من غير ذنب اقترفوه، وظلموا في المرة الثانية عند تعيين المحقق الاول، ثم الثاني، ويستمر الظلم بتدخل السياسيين بعكس ابسط مقتضيات العدالة.
اننا نؤكد في هذا الصدد ان سماحة السيد حسن نصرالله لم يكن ليدخل في موضوع بهذه الاهمية والخطورة، لولا انه وضع يده على ما يؤكد انحراف القاضيٍ بيطار عن الحقيقة: واننا نقدّر ان يسود الصمت في هذا الموضوع فلا يُعلن عنه شيء احتراما لمشاعر المظلومين من اهل الضحايا، واحتراماً للرأي العام الذي سيعتبر الامر تدخلا في القضاء… الخ.
ولكن الذي تسرب حتى الآن كاف، وهو ان الاميركيين يسيّرون التحقيق كيفما يشاؤون، ويريدون بأي ثمن ان يستخرجوا من هذه الفاجعة، اتهاما ما لحزب الله وللمقاومة، حتى لو من دون دليل، وقد ثبت ذلك من خلال شهود زور تم دفعهم الى فبركة وقائع غير موجودة، ظهر بعضهم في برامج تلفزيوينة، كما ظهرت بشكل واضح استنسابية غير بريئة، فيتهم، مثلا، رئيس حكومة حالي، ولا يتهم رئيس حكومة سابق وصلت النيترات خلال ولاية حكومته، ويستدعى قائد جيش سابق كمتهم ثم بعد اتصال من مرجعية دينية يصبح شاهدا ولا يعود متهما، واستهداف اللواء عباس ابراهيم بالذات لانه بالنسبة للاميركي ولكثير من الجهات المعنية بالوضع اللبناني بمثابة (وزير خارجية حزب الله) وهذا تعبير تم استعماله من قبلهم … الخ.
ويضاف الى ذلك رفضه اعلان التقرير الفني الذي يؤكد ان الانفجار ناتج عن اسباب فنية وليس اعتداءً عسكرياً، وبذلك يداهن شركات التأمين التي ينبغي ان تبدأ بدفع التعويضات مباشرة بعد اعلان هذا التقرير.
كما تسرب ان المحقق العدلي كان ينوي ان يقدم القرار الظني ثم يغادر مهاجرا الى اميركا حيث وُعد بما هو اهم من الوظيفة اللبنانية، والله اعلم… كل ذلك برسم الرأي العام قبل ان تكشف الحقائق بالادلة الكافية.
اننا نعلم تماما ان توجيه اتهامات “لقاض” اشتهر بالاستقامة والنزاهة، ليس امرا بسيطا، ولكن ما الحيلة ان كان من يوجه مثل هذه الاتهامات، بل الادانات، عودنا على الصدق والدقة والموضوعية، في مقابل من يستبيح المحرمات ليرضي اسياده في الخارج.
اما ما يتحدثون به عن “تهديد” للقاضي، فلم يكن كذلك، حتى الآن هو التأكيد لمن يعنيهم الامر ان اصحاب الشأن ليسوا غافلين عما يُحاك ضدهم بغير حق.
رابط فيديو: خطبة الجمعة: 1-10-2021: https://youtu.be/JB8FG2u2gqw