بسم الله الرحمن الرحيم
السيد هادي خسروشاهي: داعية الحوار
مشاركة رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المقاومة سماحة الشيخ ماهر حمود في الندوة الفكرية التي اقامتها المستشارية الثقافية الايرانية في بيروت وفاءً لعطاءات العلامة السيد هادي خسروشاهي
يشرفني ويسعدني ان اشارك معكم بتأبين العلامة الصديق (هادي خسروشاهي) رحمه الله واعلى درجته، كما يؤسفني انني لم اكن على اطلاع على انجازاته ومؤلفاته الكثيرة، التي اطلعنا عليها من خلال الشريط الوثائقي، وانني اذ اؤيد ما تحدث به من قبلي عن الراحل الكبير ودوره التقريبي وذلك من خلال تجربتي مع الراحل الكبير شخصيا، ذلك اننا التقينا للمرة الاولى في هامبورغ المانيا في العام 1984 ميلادي، حيث عقد مؤتمر للحج، وكنت مدير المؤتمر ومقدم المتكلمين، وحضر المؤتمر من غير دعوة، على ما اظن، (الشيخ عبد الله عبد المحسن التركي)، المسؤول في رابطة العالم الاسلامي ، والذي اصبح رئيس الرابطة بعد ذلك بعام او عامين، وقد تقدم الشيخ السعودي بطلب كلمة، وكنت اود ان البي طلبه، فتحاً لباب الحوار والتواصل مع كافة المسلمين، خاصة وان حجتنا قوية وموقفنا مؤيد بالادلة والبراهين الواضحة، وكذلك كان السيد هادي رحمه الله، كما علمت في اخر المؤتمر، ولكن مسؤولاً ايرانياً كبيراً منعنا من تنفيذ هذه الرغبة معترضا على تقديم منبرنا لشيخ سعودي تابع للسلطة التي تعلن عداءها للثورة الاسلامية واهدافها.. ولا شك ان موقف المسؤول الايراني الذي رفض تقديم الشيخ التركي للكلام، كان مخطئاً غير مدرك لاهمية الحوار والتواصل، ولقد قمت بدوري لاحقاً بارسال رسالة للشيخ التركي أفصّل فيها الموقف الاسلامي السليم من المقاومة وفلسطين والاستكبار الاميركي، ولا ادري ان كانت قد وصلته، ولم يجبني على رسالتي…
مجرد ان يكون الراحل الكبير متحمساً لفكرة ان يتكلم شيخ “سعودي” في مؤتمر “ايراني”، وفي تلك المرحلة بالذات، فهذا دليل على حرصه على الحوار والتواصل بين المسلمين، باعتبار ان الحوار هو الوسيلة المثلى لنشر المبادئ الاسلامية الصحيحة.
وقد ازداد حبي له واحترامي لشخصه ودوره خلال مناسبات اخرى جمعتنا في طهران، كما انه رحمه الله كان في شكله واسلوب اعتماره للعمامة وشكل لحيته يشبه العلامة الشيخ جمال الدين الافغاني، الذي عكف المرحوم على نشر مؤلفاته واعماله الكاملة، فهو يشبهه في السلوك والموقف ايضاً، ذلك ان الافغاني (الاسد ابادي) كان معارضا للسلطان عبد الحميد، واتخذ من لندن مكانا لاصدار مجلته المشهورة (العروة الوثقى)، التي كانت تنتقد وتعارض السلطنة العثمانية، ثم اكتشف المرحوم الافغاني ان اعداء الاسلام، اعداء السلطنة العثمانية، بغض النظر عن اخطائها، يستفيدون من كتاباته ومواقفه، فترك لندن واصبح من حاشية السلطان عبد الحميد يحاول الاصلاح من الداخل، وتوفي في بلاطه بعد ذلك.
كذلك السيد خسروشاهي: يحاول الاصلاح من الداخل وليس بالتراشق واطلاق الاتهامات ورفع السواتر بين المسلمين، هكذا كان عمله في القاهرة والجزائر وتونس وسائر العواصم الاسلامية والعربية، فضلاً عن الفاتيكان التي انجز فيها الكثير على طريق الحوار والتواصل من خلال دوره كسفير الجمهورية الاسلامية فيها، ولقد قام في هذا الاتجاه بكثير من الانجازات خلال عقود من الزمن.
ونحن على هذا الخط، وان كنا اليوم محاصرين بالاتهامات والشتائم والاجراءات الصارمة من قبل اخصام الاسلام، فاننا بهذا نسير على خط الانبياء الذين كانت دعواتهم دائما تبدأ بالتكذيب والاتهامات وتنتهي بالنصر والتمكين في الارض.
وكما انتصرت غزة وفلسطين ولبنان والعراق واليمن … كما صمدت ايران في وجه المؤامرات والحروب على انواعها والحصارات، فان دعوتنا الهادفة للتقريب ولتوحيد المسلمين على طريق فلسطين ومواجهة الاستكبار الاميركي المجرم، ستنتصر قريبا باذن الله… وسنذكر حينها (السيد هادي خسروشاهي) كثيرا باذن الله والحمدلله رب العالمين.