ذات انواط

بسم الله الرحمن الرحيم
موقف سياسي أسبوعي: خطبة الجمعة:
بتاريخ 6 شعبان 1442هـ الموافق له 19 اذار 2021م
ذات انواط
في السيرة النبوية ان نفرا من الصحابة الكرام طلبوا من رسول الله صلى الله عليه وسلم ان يكون لهم ذات انواط، وهي شجرة، كان يعظمها بعض الجاهليين يوما في السنة، فنهرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وذكرهم بأن بني اسرائيل فعلوا مثل ذلك وذلك في سورة الاعراف: {وَجَاوَزْنَا بِبَنِي إِسْرَائِيلَ الْبَحْرَ فَأَتَوْا عَلَى قَوْمٍ يَعْكُفُونَ عَلَى أَصْنَامٍ لَهُمْ قَالُوا يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ (138)} (سورة الأَعراف).
لقد اختار بنو اسرائيل الادنى على الاعلى، فطلبوا الها من حجر، وعبدوا العجل عوضا عن عبادة الله، وطلبوا البصل والثوم عوضا عن المن والسلوى … الخ، نخشى اليوم ان تكون امتنا قد وقعت في مثل هذا الامر عندما عُرضت عليهم المقاومة بانتصاراتها وعزها والأمل الذي فتحته في مستقبل الامة، ولكن فريقا كبيرا يمثل اكثرية وازنة في امتنا كما في لبنان، بحثوا ويبحثون عن اي سبب ينتقدون به المقاومة تمهيدا لادانتها، تختار الامة او فريق كبير منها الادنى عوضا عن الاعلى والأقل عوضا عن الافضل، وكأن الذل والتبعية والخنوع اصبحت جزءاً من شخصية الامة، او من شخصية الجهات التي بيدها القرارات الكبرى.
وفي لبنان كذلك، اذا بهم يفتشون عن اخطاء المقاومة فان لم يجدوها يفترون عليها، ويتحدثون عن تدخل ايراني واختراق للسيادة، اما ما يفعله الجيش الاميركي في البقاع من مراقبة لمراكز المقاومة وزيارة ماكينزي دون تنسيق مع الجهات اللبنانية … الخ، كل ذلك لا يعني لهم شيئا.
لقد عطّل الاميركي مفاوضات ترسيم الحدود، لان الفريق اللبناني اثبت ان لنا في المياه الاقليمية حصة اكبر من الخط الازرق وخط هوف، كما انه يعطل التنقيب عن النفط، وهو الذي يفرض الحصار الاقتصادي على لبنان ويمنع اي حل، ويتدخل في الشؤون التفصيلية لدفع لبنان الى مزيد من الازمات، حتى يخضع لبنان للشروط الاميركية المذلة، ومع ذلك يفضل الكثيرون التبعية بل “العبودية” للأميركي عوضا عن الكرامة والعزة والسيادة التي تحملها المقاومة.
وينبغي ان نزداد قناعة برعونة الاميركي بعد ان كنا نظن ان الجنون والخفة من صفات ترامب فقط، فإذا ببايدن يظهر رعونة وخفة باتهامه بوتين بأنه قاتل بطريقة تنافي ابسط المبادئ الدبلوماسية والسياسية، كما ان سياسة بايدن في لبنان لا تزال استمرارا لسياسة ترامب، ولا يبدو ان هنالك اية نية لتغييرها.
ونعود مرة اخرى لنقول، ان قطع الطرقات لا يخدم اية اهداف محترمة، بل لقد ورد في القرآن الكريم انه من فعل قوم لوط: { أَئِنَّكُمْ لَتَأْتُونَ الرِّجَالَ وَتَقْطَعُونَ السَّبِيلَ وَتَأْتُونَ فِي نَادِيكُمُ الْمُنْكَرَ …} (سورة العنْكبوت 29).
كما ان الذين يطالبون بانتخابات مبكرة يوهموننا ان الانتخابات ستفرز طبقة سياسية جديدة، ينبغي ان يعلموا ان هذا تدليس على الناس، النفوس لا تزال متمسكة بالفساد والمفسدين ولن تأتي الانتخابات بسياسيين مثاليين كما يزعمون.